عبرت الجزائر عن موقفها من انسحاب المغرب وثماني دول عربية من القمة العربية الأفريقية التي انعقدت في عاصمة غينيا الاستوائية مالابو احتجاجا على تواجد جبهة البوليساريو. وأعربت الجزائر عن تضامنها مع جبهة البوليساريو على لسان وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، عبدالقادر مساهل الذي قال إن محاولة المغرب لطرد البوليساريو من القمة “منيت بفشل أمام صمود الدول الأفريقية من دون استثناء”. واعتبر مراقبون أن هذا الموقف الرسمي يؤكد مدى تشبث الجزائر بالجبهة الانفصالية وبأنها طرف في المشكل المفتعل حول الصحراء. واعتبر الشرقاوي الروداني، الخبير المغربي في الدراسات الجيواستراتيجية، في تصريح ل“العرب”، أن محاولة الجزائر فرض كيان وهمي في قمة أفريقية عربية كان الهدف منها هو نسف قمة العمل الأفريقي وتوصياتها التي انعقدت بمراكش. وأكد رضا الفلاح، الأستاذ المغربي في القانون الدولي، من جهته، في تصريح ل“العرب”، أن الجزائر إلى جانب حلفائها رجحت تثبيت حضور البوليساريو بالرغم من معارضة العديد من الدول الوازنة، وأن موقفها يؤكد بالملموس تشبثها بهذا الكيان. ويقول مراقبون إن تشنج النظام الجزائري تعبير عن نجاح المغرب في اختراق الأطروحة الانفصالية بالقارة السمراء، وأن تنقل العاهل المغربي من غرب إلى شرق أفريقيا زعزع قناعات الجزائر وحلفائها في نصرة الانفصاليين. وأشار عبدالقادر مساهل إلى أن ما أسماه ب“الانسجام” الذي ظهرت به الدول الأفريقية خلال القمة الأفريقية – العربية الرابعة بمالابو، أمام محاولة المغرب طرد البوليساريو، من أشغال القمة، يؤكد أن القارة الأفريقية “واقفة أمام كل المحاولات الرامية إلى زعزعة القارة والاتحاد الأفريقي”. وأضاف مساهل في معرض تصريحه لوكالة الأنباء الجزائرية، أن “ما حدث يعد درسا لكل من يريد أن يقسم القارة، ونتيجة جد إيجابية تسجل للتاريخ“. ولم يقف المسؤول الجزائري عبدالقادر مساهل عند هذا الحد بل بادر بالقول ”إن المغرب كبلد جار يسعى إلى الانضمام إلى الاتحاد الأفريقي، إلا أنه برهن مرة أخرى على أنه ليست لديه إرادة حقيقية لذلك”. وأكد رضا الفلاح أن هذا الخطاب يعبر عن مفارقة غريبة تضع الجزائر في موقف محرج لأن تهديد الاستقرار يتمثل في استمرار التشبت بكيان انفصالي تجمعه علاقات مشبوهة مع عناصر إرهابية في منطقة الساحل والصحراء، وهو ما كشفته العديد من الدراسات الأمنية والتقارير الاستخبارتية. وتساءل رضا الفلاح “من سيصدق خرجات المسؤول الجزائري والكل يعلم أن المغرب يشارك في عمليات حفظ السلام والعمليات الإنسانية في بؤر النزاع والتوتر في القارة السمراء”، وأضاف مشيرا إلى أن من يزعزع الاستقرار هو من ينتهج سياسة المكافآت وشراء الذمم من أجل انتهاك سيادة دولة مجاورة. وعبر الشرقاوي الروداني عن أسفه من كون الجزائر لا تزال لا تعي أهمية الوحدة العربية وثأتير ذلك على وحدة القرار الاستراتيجي العربي، مضيفا أن الطرح المغربي وتصوراته من أجل أفريقيا موحدة ومتضامنة أصبح تتملكه القارة ودول الفضاءات المجاورة للقارة. وشدد الكثير من المتابعين على أن الجزائر بهذا المسعى تحاول التشويش على مساعي المغرب الجادة للعودة إلى مؤسسات الاتحاد الأفريقي، وما يشكله من تقويض لتواجد اللبوليساريو بهذا الهيكل المؤسساتي القاري. وفي هذا الصدد أكد رضا الفلاح، أنه في الوقت الذي تتجه فيه العديد من الدول الأفريقية إلى سحب اعترافها بالبوليساريو أو تجميد أي ارتباط به، تقوم جهات معادية، وعلى رأسها الجزائر والمفوضية الأفريقية، بفرض هذا الكيان غير الشرعي على دول أفريقيا بحجة أنه عضو في الاتحاد الأفريقي. وأكد موقع “تي أس آي” الجزائري الناطق بالفرنسية بخصوص القمة الأفريقية العربية التي انعقدت بغينيا الاستوائية أن هذه الأخيرة تأثرت بانسحاب حلفاء المغرب الذين وجهوا ضربة قوية لمؤتمر القمة حيث تحول إلى مؤتمر أفريقي أفريقي. وقال الشرقاوي الروداني إنه رغم تجنيد الجزائر جميع إمكانياتها لتقويض الوحدة الترابية للمغرب، فإن ردة فعلها حول انسحاب المغرب و8 دول من القمة العربية الأفريقية تؤكد فشلها وانسداد أفقها في محاربة المملكة داخل أفريقيا وخارجها. وأنهى الخبير المغربي حديثه بالتأكيد على أن الجزائر كانت تريد “خلق حدث موازي للأسف لنسف مجموعة من الاتفاقيات التي كانت ستخدم مجموعة من الدول العربية حتى تبقى رهينة طاقيا واقتصاديا بها، وهذا الذي لم تنتبه إليه هذه الدول للأسف، حيث كان منتظرا أن تحذو خطوات دول الخليج في التعاطي مع المشكل الذي كان مطروحا”.