يمارس المغرب ضغوطا إضافية على الجهات التي تعطل عودته إلى الاتحاد الأفريقي، مستفيدا من الدعم الذي يلقاه من الكثير من الدول داخل القارة والتي تطالب بتسريع هذه العودة. وطالب العاهل المغربي الملك محمد السادس من الرئيس التشادي إدريس ديبي بصفته رئيس الدورة ال27 لقمة الاتحاد الأفريقي، بالتدخل من أجل توزيع طلب عودة المغرب على كل الدول الأعضاء والذي تسلمته في سبتمبر الماضي نكوسازانا دلاميني زوما، رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي.
وكان الرئيس التشادي قال للصحافيين على هامش قمة الاتحاد إن المغرب “يملك الحق و(عليه) التزام بالعودة إلى أسرته الكبيرة متى وكيف شاء”.
وأشار بيان صادر عن الديوان الملكي المغربي إلى أنه “كان يتعين على السيدة نكوسازانا دلاميني زوما، تطبيقا للميثاق المؤسس، ووفقا لمقتضيات عمل المنظمة، المبادرة بالتوزيع الفوري لهذا الطلب”، لكنها لم تقم بتوزيعه.
ولا تنظر الدول الداعمة للبوليساريو، وعلى رأسها الجزائر، بعين الرضا لتحرك المغرب شرق القارة الأفريقية وحثه دولها على العمل إيجابيا لتسهيل استعادة مقعده الشاغر منذ 32 عاما.
ونجحت استراتيجية العاهل المغربي القائمة على تكثيف الزيارات الأفريقية والتواصل المباشر مع قادة القارة لحشد دعم أوسع لرؤية المغرب في حلّ قضية الصحراء والعودة إلى الاتحاد الأفريقي.
وعبرت تنزانيا عن تفهمها لموقف المغرب بخصوص قضية إقليم الصحراء (الذي تعتبره الرباط جزءا من أراضيها)، وعن “تلقيها بشكل إيجابي جهوده الجادة وذات المصداقية”.
وقال بيان مشترك بين البلدين، أوردته الوكالة المغربية للأنباء، إنه “انطلاقا من مبدأ المصالحة والبحث عن حلّ دائم (لقضية الصحراء)، تتفهم تنزانيا موقف المغرب وتتلقى بشكل إيجابي جهوده الجادة وذات المصداقية”.
واعتبرت وزيرة الخارجية الرواندية لويز موشيكيوابو خلال زيارة العاهل المغربي الأخيرة إلى كيغالي أن “الوقت حان” لعودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي بعدما انسحب منه قبل أكثر من ثلاثين عاما.
واعتبر مراقبون أن دبلوماسية التواصل المباشر مع الزعماء الأفارقة أربكت حسابات الجزائر والدول القليلة التي تقف معها ضد عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي.
وتتطلب إعادة تفعيل عضوية المغرب داخل هياكل الاتحاد تصويت مفوضية الاتحاد الأفريقي برئاسة نكوسازانا دلاميني زوما، التي تدعم مشروع انفصاليي البوليساريو والمنحازة لمثلّث جنوب أفريقيا-الجزائر-نيجيريا.
ويؤكد رضا الفلاح، أستاذ القانون الدولي بالمغرب، في تصريح ل”العرب”، أن عدم توزيع المفوضية الأفريقية لطلب انضمام المغرب على الدول الأعضاء يعبّر عن بعد المفوضية عن مبادئ الموضوعية والحياد، مشيرا إلى أن استيفاء شرط الثلثين لمراجعة الميثاق ليس ببعيد المنال بالنسبة إلى المغرب، وهذا بالطبع يقلق الجزائر ومن معها.
وخلال قمة الاتحاد الأفريقي، التي استضافتها العاصمة الرواندية كيغالي، يوليو الماضي، وجه الملك محمد السادس رسالة إلى القادة الأفارقة يعبر فيها عن رغبة بلاده في استعادة عضويتها بالاتحاد، ورحبت 28 دولة أفريقية شاركت في القمة بالطلب.
وقال العاهل المغربي في الرسالة “إن أصدقاءنا يطلبون منا منذ أمد بعيد العودة إلى صفوفهم حتى يسترجع المغرب مكانته الطبيعية ضمن أسرته المؤسسية وقد حان الوقت لذلك”.
وتقدم الرئيس الغابوني بعريضة في القمة الأفريقية تتضمن استبعاد جبهة البوليساريو لأنها غير معترف بها من قبل الأممالمتحدة، وحظيت بتوقيع ثمان وعشرين دولة.
وأكد إدريس لكريني، مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، في حديثه ل”العرب”، أن دعوة العاهل المغربي تأتي متزامنة مع زيارته لشرق أفريقيا والتي تعتبر بداية لتطوير العلاقات مع مختلف دول المنطقة والذي سيكون في صالح قضايا المغرب الاستراتيجية ودعم تواجده داخل الاتحاد.
واعتبر لكريني أن توجّه المغرب إلى أفريقيا ليس مرحليا مرتبطا بقضايا ضيقة بل هو خيار استراتيجي تحدده رؤية استشرافية لخدمة القارة بشكل عام وهو ما سيسمح بتجاوز حالة الفراغ التي ميزت في السنوات الماضية علاقات المغرب مع هذه الدول.
ويؤكد متابعون للشأن الأفريقي أن المغرب استطاع في العقد الأخير أن يرسّخ تواجده كشريك قويّ بالقارة عبر علاقات متميزة مع دول غرب القارة والتي عززتها الزيارة الأخيرة للعاهل المغربي لدول شرق أفريقيا.