AFPالمعلم الفرنسي صمويل باتي تلقى تهديدات بالقتل بعد عرضه الرسوم علق عدد من الكتاب في صحف عربية، على تصاعد مظاهر العداء للإسلام أو ما يعرف ب إسلاموفوبيا، في دول غربية، وفي فرنسا على وجه التحديد، بعد قيام مراهق شيشاني لاجئ في فرنسا بنحر معلم فرنسي، عرض أمام طلابه صورا كرتونية عارية للنبي محمد.وأعقب ذلك قيام الحكومة الفرنسية بغلق عدد كبير من المساجد، والجمعيات الخيرية والأندية الإسلامية.ويرى فريق من الكتاب أن المضايقات والاستفزازات للأجانب، والمسلمين بشكل خاص، في فرنسا غير مسبوقة وتهدد السلم الأهلي فيها.بينما رأى آخرون أن الأزمة تكمن في أن الإسلام في فرنسا "لم ينجح في التعايش مع الدولة العلمانية، التي تسمح بالاختلاف في حدود احترام مقوماتها". "أزمة فرنسا مع جزء منها" يقول عبد الباري عطوان، رئيس تحرير "رأي اليوم" اللندنية: "نعيش في أوروبا منذ 42 عاما، وحصلنا على درجتنا العلمية العليا في أحد جامعاتها المشهورة، وما نراه حاليا من مضايقات واستفزازات للأجانب، والمسلمين منهم بشكل خاص، غير مسبوق، ويهدد السلم الاجتماعي في هذه البلدان، وانفجار حروب أهلية".ويضيف: "نحن نتحدث هنا عن فرنسا، والحملة الشرسة التي يشنها الرئيس إيمانويل ماكرون ضد ما يصفه ب'الإسلام المتطرف'، شملَت حتى الآن إغلاق 328 مسجدا ومدرسة، وناديا".ويرى أن "تجريم القاتل وتحويل الضحية إلى بطل، دون أي إشارة أو إدانة لعمله الفاضح وتوجيه أي لوم له، الأمر الذي يصب في مصلحة نشر العنصرية والطائفية، وتشجيع حدوث المزيد من الإساءة لدين سماويّ".ويقول: "ماذا يتوقع الرئيس ماكرون عندما يختار وزيرا متطرفا عنصريا للداخلية، يعارض وجود أقسام خاصة في المحلات التجارية الكبرى للطعام 'الحلال'، بينما لا يعترض مطلقا، وعلى مدى عشرات السنين لوجود قسم خاص للطعام اليهودي 'كوشر' على سبيل المثال لا الحصر، ويطالب بإزالة هذه الأقسام 'الإسلامية' فورا باعتبارها منظرا منفرا و'مقززا'، والقائمة تطول".ويقول نور الدين ثنيو في "القدس العربي" اللندنية إن "أقوى مظاهر أزمة فرنسا مع الإسلام كونها لا تريد أن تعترف به كدين رسمي، ولو بفصله عن الدولة كما فعلت مع الكنائس عام 1905". AFPتعهد الرئيس إيمانويل ماكرون بالتصدي لما سمّاه "الانعزال الإسلامي" والدفاع عن القيم العلمانية ويضيف إن "من جملة الرواسب التي لا تزال تتحكم في منطق الدولة الفرنسية أن الإسلام والمسلمين حالة عارضة، وطارئة على الدولة والمجتمع الفرنسي. فهو لا يدخل في تعريف الهوية الفرنسية، لا بل يجب أن لا يندرج في الثقافة الفرنسية الحديثة و المعاصرة".ويرى الكاتب أن "الأزمة على هذا النحو، توضح من جملة ما توضح، أن مسألة الإسلام والمسلمين في فرنسا هي أزمة فرنسا مع جزء منها لا تريد أن تعترف به رسميا. والأزمة حقيقة وليست مجازا، لأن المؤسسات الفرنسية اليوم ليست مرشحة كما ينبغي لمواجهة الإسلام، والتكفل به على كافة الأصعدة التي تسمح بها الظاهرة الدينية". "التعايش مع الدولة العلمانية" من جانب آخر، يرى مختار الدبابي أن "أوضاع المسلمين في الغرب لا يمكن تصويبها، إلا بخلق هوية إسلامية محلية تؤمن بقيم الدولة المضيفة، وفي نفس الوقت تتمتع بحقها في العبادة كجزء من الحريات".ويقول: "عكس التوتر الفرنسي العالي من أنشطة الجماعات والجمعيات الإسلامية في البلاد وجود أزمة، ليس لدى فرنسا العلمانية التي يفترض أنها تقبل بتعدد الهويات الثقافية والدينية، ولكن أيضا، وهو المهم أن الإسلام في فرنسا لم يتحول إلى مشروع وطني فرنسي، بمعنى أنه لم ينجح في التعايش مع الدولة العلمانية، التي تسمح بالاختلاف في حدود احترام مقوماتها، مثلما تسمح دول إسلامية بالحرية الدينية للمسيحيين أو اليهود، أو أديان أخرى لدى العمالة الوافدة".ويتساءل الكاتب: "إذا كانت بعض دولنا تطبق أحكام الشريعة على الوافدين وتفرض حظرا على حرياتهم الخاصة خوفا من 'عدوى' تمس قيمنا وأخلاقنا وتقاليدنا القبلية، فكيف نطالب فرنسا بأن تفتح أبوابها واسعة، أمام إمبراطورية الجمعيات والمنظمات الدعوية والخيرية دون أي مراقبة، بزعم أن ذلك اختراق لقيم الحرية والعدالة والأخوة، التي قامت عليها الثورة الفرنسية؟"ويؤكد الكاتب أن "التشدد الإسلامي لن يفضي إلا إلى تشدد مضاد، والدليل أن العمليات الإرهابية التي نفذها متطرفون إسلاميون في أوروبا قد ساهمت بشكل كبير، في صعود اليمين الأوروبي ومواقفه العنصرية ضد المهاجرين، ومطالبته بطردهم وتوطين الأوروبيين في الوظائف التي يشغلونها".ويقول سليمان جودة في "الشرق الأوسط" اللندنية إن "أسوأ ما في حادث ذبح مدرس التاريخ في فرنسا عصر الجمعة، أن المجني عليه لقي مصرعه في مكان الحادث، وأن الجاني قد لقي مصرعه أيضا، ولو عاشا بعد الواقعة لكان أمامنا أن نفهم منهما، لماذا أقدم كلاهما على ما أقدم عليه في حق الآخر".ويثني الكاتب على البيان الذي أصدره الأزهر الشريف عقب الحادث، ويرى أنه "قدم حلا عمليا يضمن ألا يتكرر ما جرى مرة أخرى"، إذ دعا الجميع إلى "صياغة تشريع عالمي ملزم... يجرم الإساءة للأديان ورموزها المقدسة".ويرى الكاتب أن مثل هذا التشريع "يكفي لردع الجميع لو صادف من يتبناه، لأن كل شخص يفكر بعدها في الإساءة للأديان ومقدساتها، سوف يكون على علم مسبق بأن تشريعاً عابراً للقارات ينتظره".