بخلاف جده الحسن الثاني، الذي كان يميل إلى الأدب ويتقن فن الخطابة والكلام، ووالده محمد السادس الذي كان يميل إلى دراسة القانون وتخصص فيه في المرحلة الجامعية، ظل الأمير مولاي الحسن يميل إلى دراسة العلوم والمواد التقنية، ويتمتع بقدرة كبيرة على فهم الأمور المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة وحبه الكبير للعمل اليدوي الميداني، إضافة إلى إتقانه للغات، بحسب ما نشرته "الأيام" في عدد سابق بتاريخ 7 دجنبر 2017. وإذا كان تعليم ولي العهد محاطا ببعض السرية وشح المعطيات الرسمية، إلا من بعض الاجتهادات هنا وهناك من وسائل إعلام وطنية ودولية، فالمغاربة عرفوا بشكل رسمي لأول مرة التوجه الدراسي للأمير الشاب، عندما نشرت وكالة المغرب العربي بلاغا رسميا موقع باسم وزير التربية الوطنية سعيد أمزازي، أكد فيه أن الأمير مولاي الحسن حصل على شهادة الباكالوريا في مسلك "الخيار الدولي" في شعبة "العلوم الاقتصادية والاجتماعية".
الكثير من المهتمين يؤكدون أن الأمر طبيعي ومفهوم، فتخصص ولي العهد في الاقتصاد يمكن أن نفهم منه التوجه العام للمملكة في المستقبل، فهو كذلك استمرار لتوجه والده، الذي راهن كثيرا على تطوير اقتصاد المملكة وتنويعه، كما راهن كذلك على التحالف مع النخب الاقتصادية أكثر من الفاعلين السياسيين أو المثقفين.
فمن خلال التخصص التعليمي لولي العهد، يمكن أن نستشرف التوجهات العامة التي ستكون عليها مملكة الحسن الثالث، فالأمير ليس سوى استمرارية لنهج وتكوين معين، خاصة وأن المغاربة أصبحوا في العقود الأخيرة ينظرون إلى أولوياتهم الاقتصادية والاجتماعية أكثر من أي شيء آخر، في الوقت الذي كان فيه الملك الحسن الثاني يراهن على الإشعاع الدبلوماسي والرياضي والثقافي للمملكة أكثر من رهانه على الاقتصاد والتنمية، والذي لم يبدأ الاهتمام به سوى في تسعينيات القرن الماضي، كما أنه كان محاطا في مربع الحكم بالنخب السياسية والثقافية أكثر مما كان محاطا بالنخب الاقتصادية على عكس محمد السادس، ومن المؤكد أن "الحسن الثالث" سيسير في توجه والده مراهنا على الشق الاقتصادي والاجتماعي لمملكته.
غير أن التخصص في الاقتصاد لا يعني أن ولي العهد سيخرج عن بعض التقاليد المرعية في تكوين أولياء العهد في المملكة الشريفة، والتي تفرض عليهم الاهتمام بدراسة القانون بالدرجة الأولى، بحسب ما يؤكد الباحث محمد شقير ل"الأيام" فالقانون هو جزء من تكوين الملك المستقبلي للمغرب، وبالتالي فمن شبه المؤكد أن ولي العهد سيتخصص في شعبة القانون في المرحلة الجامعية، خاصة وأن الاقتصاد ظل مرتبطا بالقانون، وهو ما يمكن أن نفهمه من تسميات كليات الحقوق والاقتصاد في المغرب التي يطلق عليها "كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية"، ليتضح لنا الارتباط الوثيق بين القانون والاقتصاد.