في واحدة من الشهادات المثيرة التي أدلى بها الرئيس التونسي الأسبق، منصف المرزوقي، في حوار مطول أجراه مع جريدة «القدس العربي»، أكد أنه حاول جاهدا خلال فترته الرئاسية إحياء الاتحاد المغاربي، الذي تجمع اليوم كل الأطراف أنه أصبح اتحادا ميتا، ولا يلعب الأدوار التي خلق من أجلها. وقال المرزوقي: «… قدمت مقترحا لإعادة إحياء الاتحاد المغاربي يرتكز على تأجيل مناقشة موضوع الصحراء وإعطاء الأولوية لقضايا أخرى، بما يسمح بخلق دينامية جديدة بين الشعوب قد تؤدي مستقبلا إلى إيجاد حل لتلك المشكلة، وهو المقترح الذي وافق عليه المغرب وتونس وليبيا وموريتانيا، فيما اعترضت عليه الجزائر».
وتابع مفصلا في هذه النقطة بالذات: «.. الخلاف بين المغرب والجزائر حول الصحراء مأساة كلفتها باهضة، وآن الأوان أن يوضع حد لها، وأول شيء فعلته عندما تسلمت الرئاسة في تونس هو محاولة إحياء الاتحاد المغاربي، وللتاريخ، فقد كانت كل الأطراف حينها موافقة عدا النظام الجزائري».
واسترسل المرزوقي متحسرا على فشل مساعيه: «قناعتي هي أننا إن تمسكنا بأنه لا حوار قبل حل مشكلة الصحراء، فإننا نحكم على أنفسنا بالجمود إلى يوم القيامة، والمقترح الذي قدمته حينها إلى السلطات الجزائرية والمغربية وحتى الليبية، هو هل الممكن أن نحكي في مواضيع أخرى غير موضوع الصحراء في الوقت الحاضر؟ يعني أن نتحدث مثلا عن الحريات الخمس، أي التنقل والعمل والإقامة والتملك والمشاركة في الانتخابات البلدية لمواطني الدول المغاربية داخل الإقليم المغاربي.
وشدد المرزوقي على أن الأفق الحقيقي لحل قضية الصحراء سيكون في إطار الاتحاد المغاربي، معتبر أن «على الشعوب أن تمسك بزمام الموقف»، كما اقترح أن تُقدم في البرلمانات الخمسة، وفي وقت واحد، بمبادرات تشريعية تتضمن فكرة «الحريات الخمس». وأضاف «لا بد من أن تتم العملية بتنسيق بين البرلمانات المغاربية أو تكون هناك حملة للشباب للتوجه مثلاً إلى الحدود، ولا بد من أن يلتقي المثقفون والنخب والأطباء والمحامون والصحافيون المغاربيون».
المرزوقي الذي قام بعدة جولات خلال فترة رئاسته إلى كل من المغرب والجزائر شدد على ضرورة تخصيص يوم لإحياء فكرة الاتحاد المغاربي، الذي يمكن أن يكون موافقا لذكرى إمضاء اتفاقية مراكش، كما دعا الزعماء المغاربيين للالتقاء قصد إعادة طرح الموضوع «لأن الوضع إذا استمر على حاله فلا الجزائريون ولا المغاربة ولا التونسيون سيكون لهم مستقبل».
وريث قصر قرطاج عن الرئيس المطاح به زين العابدين بن علي حاول أن يقارن بين الفشل المغاربي والنجاح الإفريقي في التكتل ليقول: «… جميع دول القارة الإفريقية تتكتل في اتحادات إقليمية باستثناء الدول المغاربية، وهذا يشعرنا بالعار، فما يحدث هو نتيجة خيارات سياسية خاطئة، ورفض تقديم تنازلات متبادلة، والضحية دائما هي الشعوب».