فرنسا التي تعتبر الحليف الأول للمغرب في قضية الصحراء، وشريكه الاقتصادي الأول، ضغطت في الأيام الأخيرة على الرباط من أجل إرجاع الشق المدني من بعثة المينورسو التي طردها المغرب الشهر الماضي. وقالت مصادر مطلعة إن هذه الضغوط تتم باسم الصداقة وبدعوى تسهيل مهمة باريس للاستمرار في الوقوف إلى جانب المغرب قبيل اتخاذ مجلس الأمن لقراره السنوي في ملف الصحراء نهاية الشهر الجاري.
وجاء الرد على فرنسا صادما للإليزيه في خطاب محمد الخامس بالرياض الأربعاء في القمة المغربية الخليجية، الذي تميزت كلماته بالهجوم وتسمية الأشياء بمسميات عارية بعيداً عن ديبلوماسية الكلمات الافتتاحية للقمم والمؤتمرات المماثلة. وقال محمد السادس الذي لم يسم فرنسا بالاسم إن "المغرب حر في قراراته واختياراته وليس محمية تابعة لأي بلد، وسيظل وفيا بالتزاماته تجاه شركائه الذين لا ينبغي أن يروا في ذلك أي مس بمصالحهم".
وقد ذكّر الملك محمد السادس في الخطاب نفسه بتنويع المغرب لشراكاته، متحدثا عن الزيارة الناجحة إلى روسيا: "التي تميزت -يقول الخطاب- بالارتقاء بعلاقاتنا إلى شراكة استراتيجية معمقة"، وعن إطلاق شراكات استراتيجية مع كل من الهند وجمهورية الصين الشعبية.
وإذا كان العاهل المغربي يوجه رسائل متعددة الأبعاد، فإن فرنسا كانت في هذا الإطار جزءا من رسالة موجهة إلى الاتحاد الأوربي برمته، الذي يوقع معه المغرب علاقات شراكة متقدمة، ولكن حكم المحكمة الأوربية الذي ألغى الاتفاق الفلاحي بين أوربا والمغرب بسبب قضية الصحراء دفع المملكة إلى البحث عن علاقات أخرى استراتيجية ذكرها الملك آنفا بخصوص روسياوالهندوالصين، كما ذكر مجلس التعاون الخليجي، الذي اعتبر عقد القمة معه: "ليس موجّها ضد أحد بشكل خاص، ولاسيما حلفاءنا، إنها مبادرة طبيعية ومنطقية لدول تدافع عن مصالحها مثل جميع الدول".
وجدير بالتنويه أنه لم يسبق لأي تجمع إقليمي أن اتخذ موقفا واضحا صريحا ودعما لا مشروطا للمغرب بخصوص وحدته الترابية كما فعل مجلس التعاون الخليجي بعد أزمة الرباط مع بان كي مون، مع ما يشكله ذلك من ثقل في ميزان القوى على رقعة العلاقات الدولية المعقدة.