المسؤولية.. ليست نزهة دون غبار حسن التايقي* في المحطات الصعبة من العمل السياسي يكون لزاما على المناضل الديمقراطي إعادة بناء مداركه ومراجعة أسلوبه بنقد ومسؤولية، وأعتقد أن أول شرط لإعادة البناء والمراجعة هو عدم التعامل مع الزمن السياسي، كلحظة عابرة أو نزهة دعوية، يعود صاحبها في المساء دون غبار على الجبين، بل هو مسار شاق، وسيرورة معقدة محفوفة بالصعاب والمنعرجات، تفرض احترام منطق التاريخ، وما يستدعيه من نفس طويل. نستحضر هذا الحديث اليوم، ونحن نستقرأ الوضع الذي يعيشه حزب الأصالة والمعاصرة، بعد إعلان إلياس العمري استقالته من مسؤولية الأمانة العامة، هذا الوضع -الذي يمكن أن نشبهه بمن يطلق الرصاص على رجليه– يدعونا وبإلحاح إلى أن نتحمل مسؤوليتنا كاملة، بهدف تجديد النفس الديمقراطي المطلوب داخل الحزب، عبر فتح نقاش جدي مسؤول وهادئ، والتسلح بالوعي السياسي الذي يملي علينا التعميق النقدي للفكرة المؤسسة، ومدها بكل مقومات التجديد والتطور، بدل الانهزام أمام نرجسية مقيتة، والانخراط في نشر خطاب الإحباط، وترويج ثقافة الفشل والإفشال، والتشكيك وتوجيه الأحكام الرعناء. إن هذا الوضع –الذي لا يمكن لأحد منا أن يبتسم أمامه – يدعونا كذلك، إلى مساءلة وتجديد أدواتنا وأسلوب تدبيرنا السياسي والتنظيمي بشجاعة ودون عقدة نقص، من أجل مزيد من التجذر والانتشار والفعل داخل مختلف بنيات المجتمع، والمساهمة في حلحلة الوضع السياسي العام الذي تتشكل أهم ملامحه من: – تصاعد اللامساواة الاجتماعية بشكل لا مبرر وغير مقبول. – غياب أدنى وقع للمجهودات الضخمة المبذولة، المتمثلة في الأوراش الكبرى التي انطلقت مع العهد الجديد، والتي زرعت الكثير من الأمل، دون أن يتلمس ثمارها المواطن، ولم يستفذ منها الوطن. – وجود تدبير حكومي بدون بوصلة تنموية، وفاقد للمصداقية الشعبية والسياسية. – التآكل غير المسبوق للفاعل الحزبي، وتراخي نخبه في علاقتها مع قضايا الوطن والمواطنين. إن المجلس الوطني للبام في دورته الثانية والعشرون، المنعقدة بتاريخ 22 أكتوبر2017، وهو يستحضر هذا الوضع، وما يطرحه من تحديات، مدعو وبإلحاح إلى تأكيد تشبته بحكمائه المؤسسين ومبدعيه التنظيميين ولبناته المخلصين في الفكرة والفعل، في النقذ وفي الحلم. لذلك عليه أن يصدح بصوت عال، معلنا تشبثه بأمينه العام إلياس العمري، وتذكيره بأن المسؤولية ليست نزهة بلا غبار، وأن خياره الوحيد، هو المقاومة والصمود، والإصرار على نكس الغبار كل صباح، لزرع مزيد من الأمل، وتحصين التراكمات من تهديدات التلف والضياع. وبالمقابل، فإن المجلس الوطني بصلاحياته التقريرية، مدعو إلى رفض أية مهادنة مع هذا الوضع، وعدم التسامح مع من أساء بقصد إلى نبل فكرته التأسيسية، وغير مقبول الاستمرار في التعايش والمساكنة مع من رفع في وجه حزبه معاول الهدم، ووظف مختلف أساليب الابتزاز والتضليل والاشتراطات المسبقة. لأن حزب الأصالة والمعاصرة ليس نزوة، وليس كشكا على شاطئ سياحي.