أكد محمد صالح التامك المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج ، اليوم الأربعاء بالسجن المحلي براس الماء (فاس) ، أن اختراق التصلب الواقع في الذهن الجماعي والفردي للعديد من المتطرفين معركة تستلزم التسلح بالقيم المجتمعية الكونية. وقال التامك في افتتاح جامعة خريفية لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية تستمر يومين بالسجن المحلي براس الماء، إن "اختراق التصلب الواقع في الذهن الجماعي والفردي للعديد من المتطرفين، معركة تستلزم التسلح بالثقافة والعلم، وبالقيم المجتمعية الكونية كمرجعية أساسية في تأويل النصوص الدينية وإعمالها كرقابة أو منهج للسلوك في مجتمعاتنا الحديثة". وتابع التامك أن شعار "التأهيل الروحي للسجناء.. أي دور في تحصين الذات وتغذية الروح" الذي تتمحور حوله هذه الجامعة الخريفية، يستحضر التجاذبات الرائجة حول مقاربة الشأن الديني في الحياة المجتمعية وما يتصل بذلك من إشكاليات على مستوى تطوير العلاقات الاجتماعية والإنسانية على أسس الاختلاف البناء والتعايش السلمي والفهم المتبادل. وأضاف أن هذا الشعار يستمد راهنيته ووجاهته، كذلك، من خطورة المشاكل الناتجة عن "تنامي التطرف العنيف في مجتمعاتنا" والتي تدعو إلى التساؤل عن المنهج الواجب اتباعه في مكافحته وإشاعة التسامح والفكر المتنور. وذكر المندوب العام بأن تنظيم هاته الجامعة يأتي بعد أسبوع من تنظيم مهرجان ثقافي بالسجن المحلي بخريبكة لفائدة السجناء من أصول إفريقية بشراكة مع مؤسسة مهرجان السينما الافريقية بخريبكة، معتبرا أن ذلك "يعكس دينامية متجددة، ونمطا جديدا من البرامج المعتمدة من طرف المندوبية العامة، قائما على بيداغوجية المقاربة بالكفاءات في برامج الإدماج، الثقافية والتعليمية منها، وبما يمكن السجناء من تملك المعرفة واستدماج القيم الصحيحة والفضلى للمجتمع والقدرة على تجسيدهما فكرا وسلوكا". ومن جهته، أفاد عز الدين بلماحي منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء بأن برنامج المؤسسة يسعى إلى تقديم الرعاية والإرشاد الروحي للأشخاص من خلال نزع الأفكار السلبية عنهم وتحفيزهم على تحديد مصيرهم بأنفسهم، ملاحظا أن الأفكار السيئة غالبا ما تستند على الشعور بعدم الانتماء، مما قد يؤدي إلى التطرف. ودعا بلماحي، في هذا الصدد، إلى دفع رجال الدين والفكر للقيام بدورهم الرئيسي في بت الأفكار المستنيرة والوسطية، على اعتبار أن المؤسسة الدينية "من بين أهم المؤسسات المؤثرة إيجابا في الفكر الداعي للاعتدال والوسطية واحترام التعددية بعيدا عن الطرح السياسي". وبعد أن ثمن مجهودات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج الرامية إلى أنسنة ظروف الإقامة داخل المؤسسات السجنية، ذكر السيد بلماحي بتأكيد مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء على أن مسؤولية إعادة الإدماج السوسيو-مهني لهذه الفئة تقع على كل القطاعات الحكومية وتلك التي تسدي خدمات والمقاولة والمجتمع برمته، مؤكدا أن من شأن تظافر جهود هاته الأطراف تحقيق جملة من الغايات ضمنها التخفيف من ظاهرة الاكتظاظ داخل السجون، والتقليل من عدد الملفات المتراكمة بالمحاكم، وتقليص الغلاف المالي المرصود للسجون، وتكوين مواطنين صالحين يشاركون في تنمية بلادهم. ويتضمن برنامج الجامعة الخريفية (20 و21 شتنبر) التي تندرج في إطار الدورة الثالثة لبرنامج الجامعة في السجون الذي تنظمه المندوبية العامة العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محاضرات تتمحور حول "التأهيل الروحي تحصين للذات ضد التطرف"، و"المنهج التزكوي ومفهوما الجهاد والتضحية في نشر الدين.. نشر الإسلام في إفريقيا أنموذجا"، و"الأمن الروحي في المجتمع.. المبادئ، الآليات والأهداف"، و"التصوف الإسلامي وعولمة الإسلام"، قراءة في الخطاب الشعري الصوفي"، فضلا عن ورشات وفقرات فنية. حضر افتتاح الجامعة الخريفية كل من امحند العنصر رئيس جهة فاس-مكناس، وسعيد زنبير والي الجهة عامل عمالة فاس، ونور الدين عبود عامل إقليم مولاي يعقوب، وعدة شخصيات حقوقية.