تفصلنا ساعات قليلة جدا عن خطاب العرش الذي سيلقيه الجالس على العرش قبل يوم واحد من الموعد الذي اعتاد الشعب المغربي الإنصات فيه لهذا الخطاب منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش في سنة 1999. خطاب يوم السبت 29 يوليوز يعقد عليه المغاربة رهانات سياسية واقتصادية وحقوقية وإجتماعية وأمنية كبيرة في ظل وجود اختلالات واعطاب كبرى على كل هذه المستويات تحتاج اليوم إلى تدخل ملكي حازم لإعادة الثقة إلى نفوس المغاربة الذين عاشوا الكثير من الألم دون أن يفقدو الأمل في مغرب الحرية والعدالة والكرامة الاجتماعية. خطاب 29 يوليوز يأتي خلال هذه السنة في ظل وجود نقاش سياسي عميق حول مستقبل الإنصاف والمصالحة ومستقبل الديمقراطية وحقوق الإنسان ومستقبل الفعل السياسي الحزبي المستقل تفرضه حالة التراجع الكبير الذي تشهده البلاد على المستوى الحقوقي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي مما جعل انتظارات المغاربة ورهاناتهم تجاه هذا الخطاب كبيرة وغير مسبوقة. اليوم أمام المؤسسة الملكية فرصة سانحة لإعادة قطار الانتقال الديمقراطي في المغرب الى سكته في ظل وجود اعطاب بالجملة افقدت المواطن الثقة في الحكومة وفي البرلمان وفي الأحزاب وفي مؤسسات الحكامة، بل حتى الأجهزة الأمنية أصبحت تحت المجهر من خلال طرح سؤال الحكامة الأمنية بشكل مكثف وهذا أمر ستكون له تداعيات وخيمة في علاقة المجتمع بالدولة إن لم تلعب المؤسسة الملكية ضامنة الحقوق والحريات والأمن والاستقرار دورها الدستوري بحكمة وتبصر وبمنهجية تنتصر في الأول والأخير لمصلحة الوطن الذي يبقى أكبر من الجميع. ثقة المغاربة في المؤسسة الملكية هي التي جعلت حجم الانتظارات بخصوص خطاب العرش كبيرة جدا لأن الجميع ينتظر بارقة أمل لطي صفحة الألم الذي يشعر به المغاربة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي ولا سيما أهالينا في الريف الذين خرجوا يحتجون بسلمية منذ سبعة أشهر من أجل مطالب اجتماعية وحقوقية بسيطة قبل أن يجدوا أنفسهم أمام عسكرة وبولسة غير مفهومة للمنطقة وأمام اتهامات بالانفصال وخدمة الأجندات الخارجية وتعريض أمن الدولة الداخلي للخطر!. الشعب المغربي يحدوه اليوم أمل كبير في طي حراك الريف وفق رؤية ملكية بنيوية وحكيمة ومتبصرة تاخد بعين الاعتبار كل الأبعاد الثقافية والاجتماعية والحقوقية والأمنية لأن منسوب الثقة في المؤسسة الملكية عال جدا ويحتاج إلى استثمار في مستوى اللحظة التاريخية التي نعيش ونتمنى أن تكون فرصة لزرع الأمل في نفوس ساكنة الريف وتعويض إحساسهم بالحكرة والتهميش والإقصاء إلى إحساس بالأمل والمدخل لذلك هو إعلان العفو الشامل والضرب بقوة على كل الأطراف التي كانت سببا في تأجيج الوضع في الريف في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة على ضوء نتائج التحقيق الذي أمر به الملك محمد السادس.