في اليوم الأول من زيارتي للحسيمة.. وقفة في ضفة الحراك المصطفى المعتصم في وقفتهم وجدتهم حريصين على سلمية شكلهم النضالي، منضبطين، شعاراتهم كانت واضحة: التنديد بالفساد، بالحگرة، بالاعتقال. لم يخفوا خوفهم وشكهم في من يسعى لاستغلال جراحهم وآلامهم. شعاراتهم كانت تختزل معانات منطقة ترفض التهميش. شيئا فشيئا بدأت أتبادل أولى الكلمات مع هذا دفعه الفضول والشك من وجودي للاقتراب مني بغية التعرف علي وفهم سبب وجودي.. كلمة كلمة وانهمر الحوار فتفاعلوا فيه بشكل جدي، فتحوا قلبهم خصوصا عندما عرفوا أنهم أمام شخص يعاني التهميش والحگرة مثلهم. كانت لحظة جميلة تلك التي قدموا لي فيها أخ الزفزافي. هم جمع قد تتباين رؤاهم نعم، قد تختلف مقارباتهم، قد تختلف نسبة وعيهم، قد يختلفون في التفاصيل ولكنهم مصرون بعزم على مطالبهم وفي مقدمتها: اطلاق سراح المعتقلين أو ليسجنوهم أجمعين. بحثت عن الانفصالي فلم أجد له عزما وبحثت عن المعادي لوحدة المغرب والمغاربة فلم أعثر له على أثر، كان لهم مطلب ظل يتكرر: نريد من الملك أن يتدخل فوحده من نثق فيه. صدقا خجلت من نفسي، من كل تمثالاتي القبلية، من كل التقييمات العرجاء العوجاء التي اجترحتها في حق هذا الحراك وأنا في مقهى من مقاهي الرباط.. تذكرت مواقف بعض الأحزاب، تذكرت بيان الحزب الأوليغارشي الذي يطالب بقمع الحراك فقلت بئس المواقف وبئس البيانات. لحظة مغادرتي مكان الوقفة لم تكن كلحظة وصولي إليه: كان العناق وكانت تبادل الدعوات بالنجاح في لم الشمل وتضميد الجراح. لكم مني التحية أبناء الحراك في الحسيمة الشامخة ووعدا لكم أن أنقل لكل المغاربة بكل بأمانة أنكم تريدون فقط مدرسة ومستشفى وشغلا وطريقا واحياء ذاكرة ولكن الأهم تريدون اليوم: عودة كل المعتقلين على خلفية الحراك لذويهم وعائلاتهم وأصدقائهم… عدت من حيث جئت وفي الطريق وصلت إلى خلاصة: في الحسيمة هناك أزمة ثقة، هناك خوف متبادل نتج عنهما تعثر التواصل وسوء فهم كبير بين أطراف معادلة الحراك آن الأوان لجعل حد له على قاعدة ذهبية: مبادارت تأسيس الثقة.