يكشف محمد يتيم، في هذه التدوينة المنشورة يوما واحدا بعد "هزيمة" حزبه في "جولة" انتخاب رئيس مجلس النواب، أن عبد الإله بنكيران لن يسلم "السوارت" ولن "يقلب الطاولة"، رغم كل ما تلقاه من "خصومه" الذين يتشبث بهم في تشكيل أغلبيته الحكومية، بعد أن خسر "الأغلبية البرلمانية". يتيم، الذي تكلم بعد قرار المنع من الكلام الذي أصدره بنكيران في حق إخوانه في قيادة البيجيدي، يقدم كل المؤشرات التي تفيد بأن مسلسل تنازلات بنكيران لن يتوقف. فبعد أن قرر بنكيران عدم تقديم مرشح من الحزب لمنصب رئيس مجلس النواب، وبعد أن قرر المشاركة في التصويت بالورقة البيضاء، وبعد أن تخلى، قبل ذلك، عن تشبثه بحزب الاستقلال، وأذعن لقبول الحركة الشعبية ضمن الأغلبية التي يبحث عنها، ها هو يتيم، الذي يُقَدَّمُ باعتباره "منظر" البيجيدي، يعلن، بلغة لا تخلو من "تنظير"، أن بنكيران لن يقدم هدية لخصومه بالانسحاب ورمي "السوارت". فمهما وضعوه في الزاوية ومهما وجهوا له من ضربات ومهما صعَّدوا في ابتزازه، فإنه س"يصابر" و"يثابر"، فقط من أجل أن يبقى في "الحلبة" ولا يتلقى "الورقة الحمراء"، التي ترمي به إلى خارجها. فبنكيران يعرف أن ثمن الورقة الحمراء مكلف الآن أكثر من أي وقت آخر. تدوينة يتيم، التي نشرها بعد تصويت حزبه بالورقة البيضاء، ترفع الراية البيضاء، حتى لا ينهزموا بالورقة الحمراء، على حد تعبيره. بتدوينة يتيم، تكون قيادة البيجيدي قد دخلت في مرحلة تبرير التنازلات. وهو ما يؤشر إلى أن الأمر لن يتوقف عند التنازلات السابقة، بل سنتابع تنازلات لاحقة في القادم من الأيام. فكلام يتيم، بعد بلاغ "انتهى الكلام"، يأتي ليبرر التنازلات، بل وليُنَظِّر لها. وأنقل هنا بعض المقاطع: – "طريق الإصلاح طريق طويل فيه كثير من المنعرجات وفيه صعود وهبوط ومطبات ولحظات انفراج، ومن ثم فخطه ليس دوما خطا تصاعديا". – "المشاركة ليست معركة تنال بالضربة القاضية وإنما تنال بالنقط". – "الأهم في معركة الانتقال الديمقراطي هو عدم الاستدراج الى ردود الفعل التي تجعلك تنهزم بالورقة الحمراء نتيجة خشونة لا تسمح بها قوانين اللعبة". – "الطرف الذي ينتصر في النهاية هو الذي يعرف كيف يدبر جهده على طول وقت المقابلة، وفي لحظة معينة قد يركن إلى الدفاع حفاظا على المكتسبات؛ أي إما على النصر أو التعادل، وربما تفادي الضربة القاضية أحيانا والتي يمكن أن تأتي في الوقت الميت من المقابلة". ولم ينس يتيم المرجع الديني سندا في تنظيره، حين يقول بضمير الجمع، حين يستند إلى قوله ص (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يصبر على أذاهم)، ومقولة (ما لا يدرك كله لا يترك جله). بنكيران على استعداد، إذن، ليصبر على الأذى، وإذا لم يدرك كل ما يطمح إليه، فإنه لن يترك جله. وهذا "الجل" الذي وصل إليه حتى الآن لن يفرط فيه. فلا يهمه لا التراجع ولا "الهبوط" ولا الركون إلى الزاوية… ما يهمه هو ألا يتلقى الورقة الحمراء. ولكي لا يتلقى هذه الورقة، فإنه على استعداد دائم لتقديم المزيد من التنازلات. تدوينة يتيم بمثابة هدية على طبق من ذهب ل"خصوم" بنكيران، الذين سيشددون الخناق عليه ويواصلون وضعه في الزاوية، طمعا في الكثير من التنازلات.