بعد مرور أكثر من ستة عشرة سنة على رحيل الحسن الثاني، مازالت تظهر بين الفينة والأخرى شهادات وروايات توثّق لاهتمام هذا الملك بالمجال الفنّي الذي يعدّ، حسب العديد من المتتبعين، الجانبَ الإبداعي الأكثر تميّزا في حياة ملكٍ حكى في كتابه التحدّي كيف أن والده الملك محمّد الخامس خيّره بين ولاية العهد ومتابعة مسيرته الموسيقية، كما اقتبست إحدى الصّحف قوله: "لو لم أصبح ملكا لأصبحت موسيقيا". في ربيع أحد الأيام، وأثناء وجود مجموعة ناس الغيوان بالقصر الملكي لإحياء إحدى الاحتفالات، توجه الملك الحسن الثاني لعمر السيد قائلا: "إننا لا نراكم كثيرا في التلفزيون؟"، فسارع أحمد البيضاوي للإجابة : "نقوم بدعوتهم في المناسبات الوطنية فيرفضون"، في تلك اللحظة تسمرت أرجل أعضاء فرقة ناس الغيوان بعد هذا الكلام ، وأمام هذا الموقف الخطير تدخّل الملك: "آسي أحمد البيضاوي هادو ما تيغنيوش القطع الوطنية، ما عندهوم ما ديرو بها، هادو عندهوم جمهور ديال الكاريان والحي المحمدي والناس المساكن، وتايغنيو أغاني لا علاقة لها بما تقول، واش تجيبوهوم بزز باش يغننيو أغاني وطنية"، وبذلك أحرج العاهل أحمد البيضاوي وتنفس ناس الغيوان الصعداء. عمر السيد سبق له أن دخل القصر الملكي سالفا كمسرحي مع الطيب الصديقي، كما دخل مع يسري شاكر لأداء مسرحية "لالة غنو"، وكانت هذه أول مرة سيغني فيها عمر وذلك في إطار غير هاوي حيث أن مجموعة ناس الغيوان لم تكن قد تأسست بعد، فقال السيد: "أنا أريد أن أغني"، قال له الملك: "ماذا ستغني؟"، فأجاب: "لدي قطعة قد لحنتها"، فاستفسر الملك عن اسمها، فقال عمر: "قطتي صغيرة"، ضحك الملك وقال: "هذه قطعة موجودة في التلاوة"، ثم شرع عمر السيد في الغناء، افتتح بموال وغنى "قطتي صغيرة اسمها نميرة"، ومن هنا انطلقت فكرة تأسيس فرقة غنائية.