يعد ميلود وحداني، المعروف ب «ميلود مسناوة»، إحدى الركائز الأساسية في الفرقة الشعبية الشهيرة (مسناوة)، منذ تأسيسها إلى جانب عدد من الأسماء المتميزة داخلها، مثل مصطفى أطاسي (عازف فرقة تكدة الآن)، رشيد وحميد باطمة (انتقلا إلى ناس الغيوان)، وآخرين.. وقد اعتبرت مجموعة مسناوة هي الامتداد الشعبي الصرف للظاهرة الغيوانية، نظرا للحمولة التي تمتلئ بها أغانيها التي لاقت نجاحا واسعا في المغرب وخارجه، وذلك بحكم نوعية المواضيع المستوحاة من واقع الملاحم التراثية المغربية، كأغنية (حمادي، النسر، امحمد أوليدي، عادوي الازرك.. وغيرها)، وهي أعمال موقعة في المجمل من طرف المرحوم السي محمد باطمة.. في هذا الحوار يرافقنا ميلود إلى دهاليز المجموعة وأسرارها: p كيف كانت علاقتك برشيد باطما في بداية مسارك الفني،وحين تحول رشيد من المسناوي إلى الغيواني، أو بعبارة أخرى كيف انتقل إلى مجموعة الغيوان بعد مسناوة؟ n رشيد باطما صديقي وأخي منذ السبعينيات. p قبل كل شيء ما معنى أن أتكلم عن رشيد باطما الأخ والصديق؟ n رشيد باطما إنسان طيب ذو أخلاق عالية، انطلق مع مجموعة مسناوة، وكان بمثابة الرجل الإداري داخلها ، إلى أن شاءت الأقدار وانتقل إلى مجموعة ناس الغيوان في أواخر الثمانينيات. رشيد من منطقة الشاوية قبيلة ولاد المسناوي دوار السكثة، فهو مسناوي حر لا جدال ولا نقاش في ذلك، يمتاز بالنغمة الغيوانية على مستوى الموال والإيقاع وهو كذلك مشاهبي ومسناوي حتى النخاع، ساهم بالشيء الكثير و بعطائه الفني داخل مسناوة وناس الغيوان، أما علاقتي به فقد بدأت قبل ظهور مجموعة مسناوة إلى الوجود. لقد كنت أنا ورشيد وأحد الأصدقاء «حميد بوكريشا» ولد كريان الرحبة، الذي كان عازفا على آلة البانجو من النوع المتوسط آنذاك.كنا نحن الثلاثة نغني في الأعراس، نكتري «الصونو» من عند عبد الرحيم، «جوق السعادة» ونذهب إلى الأعراس، وكنا في المستوى المطلوب حيث كنا نؤدي أغاني غيوانية ومسناوية وشعبية في آن واحد. ومن بين الطرائف التي وقعت لنا أننا ذات يوم كنا سنقوم بإحياء حفل أو عرس بالبازارات، وكان العرس في سطح أحد المنازل و في أسفله مقاطعة (1)،آنذاك كان يرافقنا أخ امحمد الملقب بالحاج امحمد، حيث كان يؤدي صوت العربي باطمة بكل طلاقة، عندما كنتَ تستمع إليه من قريب أو بعيد تظن أن العربي هو الذي يغني، فكان أخي لا يتقن الإيقاع. حزمنا له يده كأنه مصاب، وكان رشيد من دبر الفكرة حتى يموه أصحاب العرس. عندما دخلنا ، وكان عرسا كبيرا، مع أوركسترا كبيرة والكثير من المدعوين ،و جاء دورنا، بدأنا في استعداداتنا لبدء الغناء فقال لي رشيد وهو يضحك «اليوم نباتو فالمقاطعة» سمع أخي كلمة «مقاطعة»، وسأل رشيد «أين المقاطعة» فأجابه رشيد « مفراسكش، العرس تحت منو مقاطعة». استغرب الحاج امحمد، وقال إنه ذاهب إلى المرحاض،و ذهب فعلا ،انتظرناه أنا ورشيد حوالي 10 دقائق،لكنه لم يعد، وعندما ذهب رشيد للبحث عنه رجع بدونه، و قال لقد هرب أحمد (الليلة مشينا فيها حنا اللي غادين نباتو فالمقاطعة) بدأنا نغني ومرت الأمور بخير.ومن تم كوّنا مجموعة من 3 أفراد. رشيد باطما الذي كان صاحب نكتة من النوع الرفيع وله خصوصياته في التعامل مع الجميع، فهو محب (للتقشاب)،لاعب كرة قدم من النوع الممتاز لعب لفريق الاتحاد البيضاوي،كما أنه يمتاز بصوت جميل وببراعته في الإيقاع على (tamtam) . رشيد باطما صديقي وأخي لا أنسى ذكرياتي معه. p ظهرت مجموعة ناس الغيوان ومجموعة لمشاهب بالحي المحمدي، ما هو تأثير المجموعتين عليكم أنذاك؟ n حقيقة، فظهور مجموعة ناس الغيوان زعزع أدمغتنا كشباب في تلك الحقبة ، حيث كنا في ريعان شبابنا وكانت بحق صرخة فنية وثورة فنية في الحي المحمدي على الخصوص وفي المغرب على العموم. فكان كل درب فالحي المحمدي يكوّن مجموعة غنائية حتى أصبحنا نغني في الليل. وكان رمضان يصادف فصل الصيف كنا نقضي الليل كله في الغناء والتمرن على الأغاني الغيوانية الجديدة (الصينية، يا من هو باز سبحان الله وغير خدوني الماضي فات...) كان هذا يغني ويقلد العربي، وذاك يقلد بوجميع والآخر عمر السيد. و الآخر يعزف على الطار وبالسبيب ويقلد علال،لقد كانت ثورة فنية عظمى. فمجموعة ناس الغيوان كان لها دور كبير و كانت مدرسة كبيرة في الفنون الشعبية المغربية. p ما هو تأثير مجموعة لمشاهب بعد ظهورها؟ n ظهرت مجموعة لمشاهب وظهر لون آخر من الغناء فعلى مستوى الشكل ،كان هناك تغيير بالنسبة لمجموعة ناس الغيوان ، ولكن ليس على مستوى المضمون حيث كان هناك تقارب،و ظهرت مجموعة لمشاهب بأصوات عملاقة :امحمد باطما والسوسدي سمحمد ،وشريف لمراني وسعيدة والشادلي وحمادي. الله على فترة من الزمن الجميل، فترة الإبداع، فترة الفن الحقيقي، فترة الفن الشعبي المغربي القح. شرعنا في تقليد مجموع لمشاهب (بغيت بلادي - الصايك تالف. الوليد فيين ماليك - فلسطين القنديل).. هذا يقلد محمد باطما، هذا يقلد السوسي، هذا حمادي هذا الشادلي، وهكذا كانت مجموعة لمشاهب المجموعة التي زرعت فينا ، نحن الشباب، لونا ثانيا بعد مجموعة ناس الغيوان، وبدأت القدرات الفنية تكثر وأصبحنا نعزف ونغني ونكتب، انظر إلى أي حد ساهمت هذه المجموعات في اكتساب المعارف والقدرات وتكوين الشخصيات على جميع المستويات، انظر إلى أي حد ساهمت المجموعتين في تكوين الشباب، شباب الحي المحمدي والشباب المغربي. انظر إلى كم اليد العاملة التي أصبحت تشتغل في هذا الميدان، وكم من العائلات صارت ترزق من مداخيل هذه الحفلات. انظر إلى المجموعات والأوركسترات التي تكونت آنذاك.