تظاهر العشرات الأربعاء أمام المصرف المركزي في بيروت احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية مع تسجيل الليرة اللبنانية تراجعاً قياسياً جديداً وارتفاع أسعار المحروقات. ويشهد لبنان ازمة اقتصادية وسياسية خانقة فاقمها خلال اليومين الماضيين جدل قضائي حول مسار تحقيق انفجار مرفأ بيروت. وأمام المصرف المركزي، أحرق شبان الإطارات وأغلقوا الطريق الرئيسي في شارع الحمرا المكتظ وسط انتشار كثيف للجيش اللبناني خلال التظاهرة التي دعت إليها جمعية صرخة المودعين، وهي مبادرة مدنية تعنى بحقوق المودعين وتواكب تحركاتهم. وحمل المتظاهرون لافتات بالفرنسية والإنكليزية والعربية منددة بحاكم المصرف المركزي رياض سلامة، والذي يواجه سلسلة دعاوى في أوروبا بتهم تبييض أموال واختلاس، وأحرقوا صوره. وكتب أيضاً على احدى اللافتات "لن نجوع .. سنأكلكم" في إشارة إلى الطبقة السياسية الحاكمة، وضمنها سلامة، التي يحملها كثر مسؤولية الانهيار العاصف، كما يتهمون مسؤولون باخراج أموالهم من البلاد مع بداية الأزمة. وتفرض المصارف منذ خريف 2019 قيوداً مشددة على سحب الودائع تزايدت شيئاً فشيئاً، حتى بات من شبه المستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم، خصوصاً تلك المودعة بالدولار أو تحويلها الى الخارج. وعلى وقع الأزمة التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، خسرت الليرة نحو 95 في المئة من قيمتها. وسجلت الليرة الأربعاء تدهوراً جديدة، إذ لامست عتبة 56 ألف ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء، وفق صرافين وتطبيقات إلكترونية، في تراجع سريع بعد أقل من أسبوع على تخطي سعر الصرف ال50 ألفاً. ورافق ذلك ارتفاعاً في أسعار المحروقات، وقد تجاوز سعر صفيحة البنزين (20 ليتراً) مليون ليرة، حوالى 19 دولاراً، في بلد بات فيه 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر. ويزيد الشلل السياسي الوضع سوءاً، في ظل فراغ رئاسي منذ أشهر تدير خلاله البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية. ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فشل البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب رئيس جراء انقسامات سياسية عميقة، خصوصاً أن أي فريق لا يملك أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشح. وتشهد البلاد منذ بداية الأسبوع الحالي أيضاً أزمة قضائية، إثر استئناف المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت تحقيقاته برغم عشرات الدعاوى المقدمة ضده، والتي أوقفت عمله ل13 شهراً. وادعى القاضي طارق بيطار على ثمانية أشخاص جدد، بينهم أربعة قضاة ضمنهم مدعي عام التمييز، في إجراء غير مسبوق رفضته النيابة العامة التمييزية. (أ ف ب)