سجّلت الليرة اللبنانية اليوم الخميس تدهوراً قياسياً مقابل الدولار في السوق الموازية، تزامناً مع فشل البرلمان للمرة ال11 في انتخاب رئيس للبلاد ما يعمق الأزمة السياسية والاقتصادية أكثر فيما لا تلوح أي حلول في الأفق. ولامس سعر الصرف الخميس عتبة 50 ألف ليرة مقابل الدولار، وفق تطبيقات وصرافين، في أكبر تدن في قيمتها منذ بدء الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ ثلاثة أعوام ويصنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850. ومنذ صيف العام 2019، خسرت الليرة أكثر من 95 في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً عند 1507 ليرات. ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار. وتعتمد المصارف وشركات تحويل الأموال أسعار صرف مختلفة. وتُعتبر الأزمة الاقتصادية المتمادية الأسوأ في تاريخ لبنان. وعلى مدى ثلاث سنوات، بات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر، وفق الأممالمتحدة. وبحسب دراسة حديثة لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، عانى نحو مليوني شخص من سكان لبنان من انعدام الأمن الغذائي بين شتنبر ودجنبر 2022، وهم 700 ألف لاجئ سوري و1,29 مليون لبناني. ويزيد الشلل السياسي الوضع سوءاً، في ظل فراغ رئاسي منذ أشهر تدير خلاله البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية. ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر، فشل البرلمان اللبناني 11 مرة، آخرها اليوم، في انتخاب رئيس جراء انقسامات سياسية عميقة، خصوصاً أن أي فريق سياسي لا يملك أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشح. وأعلن نائبان معارضان من الكتلة النيابية المنبثقة عن الاحتجاجات غير المسبوقة ضد الطبقة السياسية التي جرت في 2019، وهما نقيب المحامين السابق في بيروت ملحم خلف ونجاة عون صليبا، بدء اعتصام داخل المجلس إلى حين انتخاب رئيس. ويؤشر فشل البرلمان في انتخاب رئيس حتى الآن إلى أن العملية الانتخابية قد تستغرق وقتاً طويلاً وتطول أشهراً عدة، في بلد نادراً ما تُحترم المهل الدستورية فيه. وقال خلف للصحافيين "لن نخرج، سننام في المجلس"، مضيفاً "يجب أن يتوقف نهج التعطيل، النهج الذي لا يسمح لنا تأمين الخبز والطحين للناس". ولم تنجح السلطات بعد في تنفيذ إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزيف الحاصل. وأعلن الصندوق في أبريل توصله إلى اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات. لكن تطبيقها مرتبط أيضاً بالتزام السلطات تنفيذ إصلاحات مسبقة، بينها توحيد أسعار الصرف.