يشكل تضارب المواقف بشأن موضوع تعليق الإضراب عن العمل، سبب الانقسام الداخلي الواقع حاليا وسط جسم المحامين. ففي الوقت الذي، قام عدد من أصحاب البذلة السوداء، بتعليق صيغهم الاحتجاجية، تعبيرا منهم عن القبول بمقترح الحكومة في شخص رئيسها عزيز أخنوش، يواصل آخرون الإضراب عن العمل، بهدف دفع الحكومة لسحب المقتضيات الضريبية الخاصة بهم، من مشروع قانون المالية لسنة 2023. حالة الانقسام هاته، ترجمتها حالة الارتباك في صفوف المحامين الذي ينشطون في هيئات من نفس المدينة على غرار مدينة الدارالبيضاء، كما أثرت على سير العمل داخل المحاكم، مخلفة تذمرا وسط المتقاضين الذين تعطلت قضاياهم، ولا سيما البسطاء منهم. كما برزت بشكل واضح في افتتاح مؤتمر جمعية هيئات المحامين بالمغرب، المنعقد بمدينة الداخلة، الأسبوع الماضي، حيث كانت مضامين كلمة رئيس الهيئة، عبد الواحد الأنصاري، في افتتاح المؤتمر محط رفض واستهجان من طرف مجموعة من أعضاء الجمعية. في سياق متصل، رفض قطاع المحاماة التابع لحزب التقدم والاشتراكية، إدراجه في بيان يحمل توقيع قطاعات المحامين في عدد من الأحزاب السياسية، السبت (26 نونبر)، دون تأكيد موافقته على مضامين هذا الأخير، والمتعلقة بالمقتضيات الضريبية الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2023. وكشف قطاع المحاماة التابع للتقدم والاشتراكية، في بيان حقيقة أصدره أمس الأحد (27 نونبر)، أنه "توصل بمسودة البيان المذكور، وطلب الوقت اللازم للاستشارة مع الحزب، قبل أن يفاجأ بإخراج البيان دون انتظار تأكيد موافقته، ودون أن يتسنى له إبداء ملاحظاته العديدة". وأكد بيان الحقيقة على أن قطاع المحاماة التابع لحزب نبيل بنعبد الله، غير معني بالبيان المشار إليه في صيغته المنشورة، مذكرا بمضمون البلاغ الصادر سابقا عن التقدم والاشتراكية، والذي أبرز فيه أن "الخضوع للضريبة، إسهاما في المجهود التنموي الوطني، هو مسؤولية ملقاة على الجميع، كل حسب مداخيله وإمكانياته". وإزاء هذه الوضعية، يدعو العقلاء داخل جسم المحاماة إلى ضرورة الانفتاح على الحوار بدل مواصلة التعنت، والتحلي بالروح الإيجابية لإيجاد حل متوافق بشأنه مع الحكومة يأخذ بعين الاعتبار أوضاع المحامين، ويبلور أداء الواجبات الجبائية بشكل عادل. وكان فوزي لقجع الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، قد أفاد داخل لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية في مجلس المستشارين، بأن عدد المحامين المسجلين لدى إدارة الضرائب، هو حوالي 8837 محاميا ومحامية، في الوقت الذي يبلغ عدد المحامين في المغرب تقريبا 16 ألف محام. وأضاف الوزير أن عدد المحامين الذين يصرحون بمداخيلهم لدى إدارة الضرائب هو 6600، وعدد المساهمين منهم في أداء الضريبة لا يفوق 5788، مشيرا إلى أن 90 في المائة من المحامين الذين يساهمون في دفع الضرائب، يؤدون أقل من 10 آلاف درهم سنويا.