أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، مهدي بنسعيد، أن الاكتشاف الأثري في مغارة "بيزمون" بإقليم الصويرة يمثل أحد أبرز تجليات السلوك الرمزي للإنسان، وعملا استثنائيا تحدى الزمن، وحافظ على كامل قوته التي تحيل على عمل إنساني بالغ الأهمية. وقال بنسعيد في كلمة له خلال حفل تقديم هذا الاكتشاف، الذي تميز بحضور أندريه أزولاي، مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موغادور، والعديد من الشخصيات البارزة، إن هذا الاكتشاف الذي يعود تاريخه إلى 150 ألف سنة يسلط الضوء على الإبداع البشري من خلال أدوات الزينة، ما جعل هذا الجزء من شمال إفريقيا موطنا للإبداع ونشر الابتكارات الثقافية. وأضاف الوزير خلال الحفل الذي أقيم في موقع شالة الأثري والتاريخي، أن الإنسان القديم عاش في مغارة "بيزمون" وبث الحياة في الأصداف البحرية، وقام بثقبها، ليصنع منها أدوات للزينة، مما أضفى عليها رمزية وتواصلا غير لفظي. من جهته، أشار أستاذ علم الآثار لفترة ما قبل التاريخ بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، عبد الجليل بوزوكار إلى أن الدور المحوري للمغرب وإسهاماته في تاريخ البشرية أمر لايمكن لذي عقل حصيف نكرانه. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد بوزوكار، مدير الفريق العلمي الذي أنجز هذا البحث الأثري، أن هذا الاكتشاف يبرز مكانة المملكة كملتقى للحضارات، ومركز إشعاع ثقافي، مضيفا أن هذا الموقع الأثري "يعد معينا لا ينضب لعلماء الآثار والجيولوجيا في العالم بأسره". وأبرز الباحث أن الدراسات الأركيولوجية التي همت تحديد هذه المواقع في الصويرة انطلقت سنة 2007، فيما تم اكتشاف مغارة "بيزمون" سنة 2008، موضحا أن الاكتشاف يتعلق بحوالي ثلاثين صدفة بحرية جمعها الإنسان القديم على ما يبدو من شاطئ يقع على بعد حوالي خمسين كيلومترا من مغارة بيزمون. كما أكد أن تلك الأصداف كانت تعتريها ثقوب، وتم تغليفها باستخدام مادة حمراء غنية بأوكسيد الحديد. وفقا للباحث، فإن هذا الاكتشاف، يميط اللتام لأول مرة عن استخدام جسم الإنسان في مرحلة ماقبل التاريخ كوسيلة للتواصل البشري، مسجلا أن الأصداف التي تم العثور عليها، لم تستعمل فقط لأغراض الزينة، بل أيضا لإرسال رسائل وإبراز هوية مشتركة بين أفراد نفس المجموعة البشرية. وأشار إلى اكتشاف هذه اللقى عينها في مواقع أثرية مختلفة في شمال وجنوب إفريقيا، يعود تاريخها على أقل تقدير إلى ما بين (35 ألف و 75 ألف سنة). وفي تصريح مماثل، أكد الباحث والطالب يسلك الدكتوراه في جامعة أريزونا إسماعيل سانشيث موراليس، على أهمية وخصوصية موقع بيزمون، ليس فقط بالنسبة للمغرب، بل للإنسانية جمعاء، مبرزا أن هذا الموقع "قدم ومافتئ يقدم كما هائلا من المعلومات حول أصول الفكر الرمزي الإنساني". وأضاف أن الاكتشاف يعد أحد أقدم الحجج الدامغة، والبراهين الساطعة (أكثر من 150 ألف سنة) على السلوك البشري، من خلال الأفكار الرمزية التي توظف أصداف البحر المستعملة في أغرض الزينة، فضلا عن آثار للطلاء الأحمر. ويمثل هذا الاكتشاف البارز بموقع "بيزمون" 32 صدفة على شكل بَطْنِقَدَمِيَّات بحرية في مستوى أركيولوجي يرجع تاريخه إلى ما بين 142 ألف و 150ألف سنة. وتعد هذه القطع الأثرية المصنوعة من أصداف "تريتيا جيبوسولا" أقدم قطع زينة تم اكتشافها إلى يومنا هذا. ومغارة بيزمون هو الاسم الذي يطلقه السكان المحليون على هذا الموقع، وهي كلمة أمازيغية تعني عرين الأسود، أو مخبأ اللبوءة.