يعد الاكتشاف الأثري بمغارة بيزمون (إقليمالصويرة) إنجازا أركيولوجيا يكشف النقاب عن أقدم الاستعمالات للرموز من طرف الإنسان، وأحد أقدم عناصر الحلي المكتشفة إلى يومنا هذا.
وتتألف القطع الأثرية التي تم اكتشافها من 32 صدفة بحرية في مستوى أركيولوجي مؤرخ على أقل تقدير ما بين 142 ألف و 150 ألف سنة مضت. وهي قطع أثرية مصنوعة من أصداف "تريتيا غيبوسولا".
وقد تم ثقب هذه الأصداف البحرية بشكل متعمد من قبل إنسان ما قبل التاريخ ليتم ارتداؤها كقلائد، وأساور، وكانت تشد بالملابس، كما كانت تميل الى اللون الأحمر الذي قد يرمز إلى الدم، أو الحياة أو الروابط الأسرية. وقد ظهر هذا النوع من الحلي في عصور ما قبل التاريخ بكثرة في المغرب أكثر من أي مكان آخر في إفريقيا والشرق الأوسط .
ويقدم اكتشاف "بيزمون" معلومات في غاية الأهمية عن أصل السلوك البشري الرمزي، والذي قد تكون له عدة معان، أي أدلة على العلاقات بين أفراد المجموعة البشرية نفسها، أو مع مجتمعات أخرى، أو عن وجود لغة وهوية مشتركتين.
وقد تم اكتشاف الأصداف البحرية من نفس النوع في عدة مواقع في إفريقيا والشرق الأوسط ، ولا سيما في مغارة "بلومبوس" في جنوب إفريقيا (يعود تاريخها إلى 75 ألف سنة ، ومغارة "سخول" في إسرائيل (حوالي 135 ألف عام) وفي المغرب في غفاس بوجدة (80 ألف سنة)، بركان (82 ألف سنة)، إفري نعمار بالناظور (80 ألف سنة)، وكهف المناصرة في تمارة (110 ألف سنة) وكهف المهربين بتمارة (116ألف سنة).
ويرجع الفضل في اكتشاف موقع بيزمون لفريق بحث دولي متعدد التخصصات، يرأسه أستاذ علم الآثار لفترة ما قبل التاريخ في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، عبد الجليل بوزوكار.
إن المغرب أرض الحضارات والثقافات وتاريخ الأسلاف، لم يتوقف يوما عن إرواء فضول الإنسان حول الأصول البشرية. وهكذا، تم تحديد العديد من الاكتشافات التي تعود الى العصر الحجري القديم ، ولا سيما النشاط البشري الأول في موقع طوما بالدار البيضاء ( 1.3 مليون سنة)، والإنسان العاقل في جبل إيغود باليوسفية (300 ألف سنة)، وأول ابتكار رمزي في العالم في موقع بيزمون ( الصويرة)، وأقدم حمض نووي للإنسان العاقل في إفريقيا في كهف الحمام (تافوغالت 15 ألف سنة).