تنتظر وزارة الثقافة بعيد إعادة تسمية الوزير الجديد، عدة ملفات كبرى لعل أهمها إعادة النظر في الدعم المالي المخصص للفنانين والذي لقي خلال السنة التشريعية الماضية انتقادا وسخطا كبيرا من طرف الرأي العام، جراء الأسماء التي نالت الدعم مقارنة مع المنتوج الفني الذي تقدمه. هذا ولا شك أن أهم ما ينتظر الوزير الجديد لهذا القطاع، هو محاولة ربط المشروع الثقافي بفلسفة النموذج التنموي الجديد، والذي يراهن على جعل الثقافة قاطرة نحو إعادة بناء المجتمع المغربي على أسس ثقافية تحترم الهوية والتاريخ، وتعيد الاهتمام بالتراث المغربي الزاخر بتنوع روافده وتعددها، مع ضرورة الانفتاح على الثقافات الكونية لما لها من أهمية بليغة في التبادل الثقافي. وفي نفس السياق سيكون على وزارة الثقافة العمل على إعادة هيكلة الفضاءات الثقافية وتنشيطها بشكل كبير، وذلك بغرض جعلها فضاءات منتجة للقيم التي يراهن عليها النموذج التنموي الجديد. وفي نفس السياق، فإن وزارة الثقافة سيكون عليها لزاما أن تؤمن بموقعها في الانتاج، ليس انتاج الرأسمال الرمزي فقط، وإنما المادي أيضا، سواء من خلال الاستثمار في قطاع السياحة عن طريق التنسيق الثنائي والمباشر مع الوزارة المعنية بالسياحة، أو عن طريق التعريف بالمنتوج الثقافي عالميا من خلال البحث فيه وإخراجه إلى الفضاء العمومي بدل الاكتفاء بإضفاء الطابع النخبوي عليه. أما على مستوى التظاهرات الثقافية، والتي عرفت انكماشا كبيرا بفعل أثر الجائحة، فإنه بات لزاما على وزارة الثقافة إستعادة وهجها وتطوير بنية استقبالها، وكذلك تنويع منتجاتها، على غرار معارض الكتب في شقها الدولي أو الوطني، والمعارض الفنية والصناعة السينمائية ونشر الكتب والمهرجانات الموسمية.. هذا وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة من الكتاب عبروا عن امتعاضهم من الاقصاء النسبي للمجال الثقافي في النموذج التنموي، مثلما كانوا ينتقدون دوما، عمل الوزارة في قطاع الشباب والرياضة بشكل مكثف مقارنة مع قطاع الثقافة، الأمر الذي بات يعتبر اليوم تحديا كبيرا ينتظر الوزير الجديد لإخراج الثقافة من بعدها النخبوي والتهميشي إلى بعدها التقني والاقتصادي المنتج.