اعتبر نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، أن القوانين الانتخابية مهما بلغت من تأطير وضبط في اتجاه مزيد من الشفافية والنزاهة، وتشجيع على المشاركة المواطنة، فإن الحَكَم الأول والأخير في رسم الخريطة السياسية للبلاد واختيار الحزب الأول، الفائز بها، يبقى هو المواطن. وشدد بركة خلال أشغال الدورة السابعة العادية للجنة المركزية لحزب الاستقلال، المنعقدة يوم أمس السبت 26 شتنبر 2020، على أنه من العبث استباق نتائج الانتخابات القادمة بالقياس على ما سبق، معتبرا أنه ينبغي "الكف عن مصادرة صوت المواطن بدعوى أن نتائج الاستحقاقات القادمة، هي نتائج محسومة لهذا الطرف أو ذاك، لأن هذا الخطاب لا يمكنه إلا أن يشجع على العزوف، وتكريس أزمة الثقة في مشروعية ومصداقية المؤسسات المنتخبة". وأضاف بركة أنه من منظور حزب الاستقلال، "الذي ناضل منذ نشأته ولا يزال من أجل بناء وتكريس الديمقراطية في بلادنا" حسب تعبيره، فإن تحقيق هذه الأهداف المنشودة، "لابد أن يكون مؤطرا بإصلاحات سياسية متعلقة بالمنظومة الانتخابية لمعالجة الاختلالات التي ساهمت في ترهل الحقل السياسي وإضعاف المشاركة السياسية والمواطنة وإرساء ممارسة ديمقراطية شفافة تعكس بحق إرادة الناخبين واختياراتهم وتترجم سقف طموحاتهم ومطالبهم". كما أشار ذات المتحدث إلى أن حزب الاستقلال كان أول من بادر إلى دعوة رئيس الحكومة إلى التعجيل بفتح ورش الإصلاحات السياسية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية في إطار من الحوار والتشاور مع الفرقاء منذ الثالث من فبراير 2020، وذلك "بعد تقييم رصين وتحليل موضوعي وعميق للمسار الديمقراطي ببلادنا"، وبعد الوقوف على "إجهاد الحقل السياسي على كافة المستويات، مما حال دون أداء المؤسسات المنتخبة وفعاليات الوساطة السياسية مهامها الدستورية والتمثيلية والرقابية بالفعالية المطلوبة، ناهيك عن الاختلالات المسجلة على مستوى الممارسات السياسوية المرفوضة". وأكد نزار بركة في كلمته، أن حزب الاستقلال شارك في العديد من المشاورات السياسية مع سعد الدين العثماني، الذي تجاوب مع مبادرة الحزب وكذلك مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، مسجلا أن أحزاب المعارضة "تكونت لديها قناعة مشتركة في جدية الاقتراحات التي يطرحها حزب الاستقلال، لتقويم وتطوير المسار المؤسساتي والممارسة السياسية وتثبيت الديمقراطية الحقة، وتقوية دولة القانون والمؤسسات في أفق صياغة تعاقد سياسي جديد ببنيات سياسية ومؤسساتية قوية، وبقواعد ديمقراطية متينة". وذكر بركة بالمذكرة المشتركة التي قدمها بمعية حزبي الأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية بشأن الإصلاحات السياسية والانتخابية، موضحا أن الانتخابات المقبلة بالمواصفات التي تنشدها أحزاب المعارضة، "نريدها أن تشكل فرصة للمغاربة لإجراء تقييم حقيقي للأداء الحكومي والتعبير عن إرادتهم، وفق آليات ديمقراطية شفافة، لإنقاذ البلاد أو الاستمرار في العبث الذي نعيشه اليوم". وتابع نزار بركة، أن حزب الاستقلال انخرط في مسلسل تحيين وتطوير المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات إلى جانب باقي الفرقاء، وشارك الحزب في العديد من اللقاءات سواء مع رئيس الحكومة أو مع وزير الداخلية، حيث حظيت 80 في المائة من اقتراحات الحزب بالقبول، وتتعلق أساسا بتشجيع المشاركة السياسية وتوسيع دائرتها، وذلك من قبيل إجراء الاقتراع الخاص بالانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية في نفس اليوم مع تغيير يوم الاقتراع من الجمعة إلى الأربعاء، إضافة إلى التصويت بالبطاقة الوطنية مع اعتماد الرقم 2727 كرقم مرجعي للتأكد من تسجيل الناخب بمكتب التصويت، والقيد الإرادي للبالغين 18 سنة في اللوائح الانتخابية عند سحب البطاقة الوطنية، إلى جانب رفع القاسم المشترك من أجل تعزيز المشاركة والتعددية. كما أكد بركة على أن الظرفية الصحية التي تمر بها بلادنا في ظل الأزمة الخانقة التي أفرزتها جائحة كورونا، تدعو اليوم للتأكيد على أن بلادنا في حاجة ملحة لحكومة إنقاذ تخرج من صناديق الاقتراع، مشكلة من عدد قليل من الأحزاب، يطبع أداءها الانسجام والفعالية والنجاعة والرؤية الواضحة، بعيدا عن التصدع والصراع بين مكوناتها، لتمكين بلادنا من تجاوز تحديات الجائحة وتداعياتها والعبور الآمن للأزمة. واستغرب الأمين العام لحزب الاستقلال، لكون البعض "رغم كل الأشواط التي قطعتها بلادنا في مسار البناء الديمقراطي، وفي تثبيت دورية وانتظامية الاستحقاقات الانتخابية منذ التسعينيات، هناك اليوم من لازال يتساءل مرة أخرى عن جدوى الانتخابات ولما الحاجة إليها؟، ويقترح المضي في مسارات أخرى من خارج التأويل الديمقراطي للدستور". مشددا على أن الانتخابات "هي الآلية الأساسية للديمقراطية، والديمقراطية هي من الثوابت الدستورية للمملكة، وهذه الظرفية الصعبة، التي تتطلب التعبئة وتوحيد الجهود، لا يمكن مواجهتها إلا في إطار الثوابت والاختيارات الأساسية للمملكة، والديمقراطية واحدة منها"، معتبرا أن هناك "قناعة اليوم لدى المواطنين بأن الحكومة الحالية قد وصلت إلى حدودها، وأنهم لا يثقون في قدرتها على مواجهة الأزمة، لذلك المواطن اليوم يطلب التغيير، وهذا التغيير لا يمكن أن يكون إلا في إطار الأفق والسقف الديمقراطي، ومنظومة الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، وإلا بمشاركة كبيرة للمواطنات والمواطنين في صناديق الاقتراع".