محمد كورسي (و م ع) أيام قليلة بعد بداية الموسم الصيفي، ارتفعت درجات الحرارة بشكل مفاجئ بمراكش، على غرار مدن أخرى بالمملكة، إلى مستويات غير منتظرة، مؤدية بذلك إلى موجات حر شديدة مباشرة بعد استقرار الأجواء الصيفية. وإذا كان المراكشيون قد اعتادوا على فترات صيفية حارة، فإن فصل هذه السنة "ليس له مثيل أو نظير" بالنسبة لساكنة المدينة الحمراء، ذلك أنه يأتي في سياق استثنائي نوعا ما، مقرون ب"ضيف غير مرغوب فيه"، وهو فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الذي ما زال تهديده قائما. ويوجد المراكشيون أمام معاناة وتحد مزدوج يتمثل في التكيف مع الطقس الحار واحترام التدابير الوقائية للحد من انتشار الجائحة، على اعتبار أن المدينة مصنفة في منطقة التخفيف رقم 2، حسب التصنيف الذي وضعته السلطات في إطار خطة تخفيف الحجر الصحي وقيود حالة الطوارئ الصحية. وخلال هذه الفترات المتسمة بموجة الحر الشديد، عادة ما يتوجه المراكشيون نحو المسابح والضيعات والفضاءات والمواقع الطبيعية التي تزخر بها الجهة، بحثا عن الأجواء الباردة قصد الراحة والاستجمام. غير أن القيود المعمول بها في المنطقة رقم 2، خاصة تلك المتعلقة بمنع المسابح الذي يظل أحد الخيارات المفضلة للمراكشيين للاحتماء من الحرارة، لا يجد المواطنون بدا من التكيف مع هذه الوضعية غير المسبوقة تماما. وإذا كانت الأسر الميسورة والمتوسطة تلجأ إلى اقتناء مكيفات الهواء والتبريد لمكافحة الحرارة الشديدة، فإن فئة أخرى، أمام العجز وقلة الموارد، اختارت بدائل أخرى من خلال البقاء في المنازل طيلة اليوم في انتظار حلول المساء للذهاب إلى الحدائق والفضاءات العمومية أو التسوق أو القيام بمهام أخرى. وأضحت الفضاءات الخضراء والحدائق التي تزخر بها مدينة مراكش ملاذا حقيقيا للساكنة خلال هذه الفترة. وتعرف هذه المساحات الممتدة عبر المدينة الحمراء، إقبالا منقطع النظير، أثناء المساء، حيث يتجه المراكشيون، رفقة عائلاتهم أو أصدقائهم، نحو هذه الفضاءات لقضاء جو ودي وممتع ولحظات من الاستجمام، والاستفادة من الطقس المعتدل شيئا ما الذي يغشى المدينة عند بداية المساء. وبالمناسبة، أكدت ساكنة المدينة أن موجة الحرارة المفرطة التي تسم المدينة الحمراء خلال هذه الفترة، والمصحوبة بالتدابير الصحية والوقائية المنصوص عليها من لدن السلطات المختصة لمكافحة (كوفيد-19)، جعلت من التكيف مع هذه الوضعية الخاصة مهمة "معقدة بل وصعبة". واعتبروا، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه مع حلول موجة الحرارة يصبح التقيد ببعض السلوكات الحاجزية من قبيل ارتداء الكمامات الواقية، "أكثر صعوبة"، معبرين بالمقابل، عن التزامهم بمواصلة التقيد بالتدابير الصحية رغم الظروف المناخية الصعبة، قصد صون السلامة الصحية للنفس والآخرين. وأشاروا، في هذا الصدد، إلى أن الارتفاع المفرط في درجات الحرارة الصيفية تمثل خطرا "داهما" لصحة بعض الفئات، لاسيما الأطفال وكبار السن، الأمر الذي يقتضي شرب المياه بشكل كاف وتجنب الخروج إلا للضرورة القصوى، خاصة خلال النهار، قصد تفادي أية مضاعفات صحية محتملة. وأوضحوا أنه مع استئناف الأنشطة الاقتصادية والتجارية في المدينة، يجد بعض الأشخاص أنفسهم مضطرين للتوجه إلى مقر العمل في هذه الحرارة، بعد أن قضوا فترة طويلة بالحجر الصحي الذي أثر بشكل كبير على القدرة المادية، مع السهر على تتبع التوصيات والإجراءات المعمول بها لتفادي أية عدوى بكوفيد-19. وسجلوا أيضا، أن مختلف الفضاءات الخضراء بمراكش، التي تشكل ملاذا للاحتماء من الحرارة والاسترخاء خلال هذه الفترة، تعرف إقبالا كبيرا مع بداية المساء بهدف الاستفادة من الطقس المعتدل، وسط فرحة عارمة من الأطفال الذين يجدون صعوبات كبيرة في التأقلم مع هذه الأجواء التي لا تطاق حتى بالنسبة للرضع أحيانا. وتابعوا أنه عند المساء تبدأ غالبية المواطنين في مغادرة منازلهم بحثا عن الأجواء المعتدلة، رفقة أبنائهم، في الحدائق والفضاءات العمومية. ويبدو الرهان كبيرا بالنسبة لساكنة مدينة مراكش في ظل هذه الظروف الصعبة : كيف يمكن الجمع بين فيروس كورونا وموجة الحر الشديد، باعتبارهما نقيضين لا يجتمعان ؟ وعلى الرغم من ذلك، فإن ساكنة المدينة الحمراء تعرف كيف تتأقلم مع الوضعيات الحساسة، كما أبانت عن ذلك دائما، رغم المعاناة التي تعيشها هذه الايام بسبب تحد مزدوج يعصب رفعه. وأمام تحذيرات منظمات أممية، وجب توخي الحيظة والحذر لتفادي الاجتفاف وضربات الشمس، من خلال اتباع التدابير الاحترازية اللازمة مع السهر على شرب المياه بشكل منتظم والتقيد الصارم بالتدابير الوقائية لتفادي عدوى (كوفيد-19). ويبقى التأكيد على أن اعتماد سلوكات بسيطة وحذرة، من قبيل شرب كميات كافية من المياه والامتثال للتدابير الصادرة عن السلطات المختصة لمكافحة (كوفيد-19)، كفيل بتوفير الحماية من الحرارة المفرطة والجائحة.