تلقى سكان مدينة مراكش، قرار إعادة فتح الفضاءات الخضراء، بنوع من الارتياح والفرح والسرور، وذلك بعد حوالي ثلاثة أشهر من الإغلاق في سياق التدابير المتخذة لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19". وشكلت الفضاءات الخضراء، خلال هذه الأيام التي تعيش فيها مدينة مراكش على إيقاع ارتفاع متواصل لدرجات الحرارة التي تتجاوز الأربعين درجة، المتنفس الوحيد للمراكشيين في ليالي فصل صيف هذه السنة، تقصدها الأسر مساء كل يوم مع التقيد بالمعايير العامة للوقاية والسلامة الصحية التي تحث عليها السلطات المختصة، بحثا عن نسمات هواء نقية وباردة، للتخفيف من أثر الحرارة والاستمتاع بالطبيعة الخلابة لهده الفضاءات. وحسب عدد من مرتادي هذه الفضاءات الخضراء، فإن هذه الأخيرة أصبحت الملجأ الوحيد للأسر التي لا تتوفر على الإمكانيات المالية للقيام برحلة إلى منتزهات طبيعية ضواحي مراكش، للترفيه والترويح عن النفس بعد مشقة يوم عمل حار وشاق. وأكد يوسف العصامي موظف بالمديرية الجهوية للضرائب بمراكش، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، أن اختيار الفضاءات الخضراء يعتبر جيدا لقضاء وقت ممتع، لاسيما بالنسبة للأطفال واليافعين الذين لم يضعوا أقدامهم خارج منازلهم طيلة أيام الحجر الصحي، مشيرا إلى أن ارتياد الفضاءات الخضراء أصبحت مظهرا معتادا في مدينة مراكش، وتقليدا بالنسبة لبعض الأسر المراكشية. وفي غياب المسابح العمومية، التي تعرف اقبالا منقطع النظير من طرف زائريها، وجد غالبية المراكشيون أنفسهم، في ظل هذه الظروف الاستثنائية، التي تتسم بتمديد حالة الطوارئ الصحية إلى غاية 10 يوليوز الجاري، وما صاحبها من إجراءات احترازية ووقائية للحد من تفشي الفيروس ملزمين بقضاء أمسياتهم فرادى أو مع أسرهم الصغيرة بالفضاءات الخضراء، للترويح عن النفس أو الاستمتاع بالنسمات العليلة، في سبيل استرجاع الحيوية للجسم وطاقته بعد نهار مشمس ودرجة حرارة أحيانا جد مرتفعة. ومع غروب شمس كل يوم وطيلة ساعات الليل تتحول الفضاءات الخضراء خصوصا بجنان أوراد والمتواجدة بشارع علال الفاسي وباب دكالة بالإضافة إلى "واحة الحسن الثاني" بحي سيدي يوسف بن علي، وعرصة الزنبوع بحي القصبة، إلى ملاذ لاستقبال الأسر والأشخاص الباحثين عن الهواء "البارد" والخضرة المنعشة، من أجل قضاء أوقات ممتعة استعدادا ليوم آخر حار. وعبر عادل رجل تعليم وهو من سكان مدينة مراكش، عن سعادته بإعادة فتح المساحات الخضراء في المدينة، مما مكنه من اصطحاب ابنتيه اللتين تأثرتا نفسيا بالفترة الطويلة التي استغرقها الحجر الصحي الذي اضطرهما للبقاء في المنزل وعدم التمكن من الخروج. وأوضح عادل في حديث ل"الصحراء المغربية" أن الأزمة الصحية التي خلفها انتشار فيروس كورونا أثرت نفسيا بشكل كبير على الأطفال ، بخلاف الكبار الذين تكيفوا بسهولة مع الحجر الصحي بسبب وعيهم بمخاطر الوضع. وكشفت السعدية ربة بيت وأم لطفلين عن سرورها بالاستئناف التدريجي للحياة العادية في مدينة مراكش، داعية إلى الاستمرار في توخي الحيطة والحذر من أجل القضاء على الحد من انتشار الوباء. وأعربت السعدية عن رغبتها في أن تستأنف الحياة مسارها الطبيعي في أقرب وقت ممكن في جميع أنحاء التراب الوطني، لتتمكن من السفر لقضاء العطلة الصيفية رفقة عائلتها الصغيرة. وشكلت حدائق مراكش التاريخية، التي تمت تهيئتها وإعادة هيكلتها، بمناظرها الخضراء رمزا فريدا لخصوصية المدينة الحمراء، وتشهد على مدى الشغف بالثقافة العربية الاسلامية الخاصة بالحدائق، وتبرز الإرادة القوية في إحداث مناظر طبيعية على المئات الهكتارات وفق هندسة رائعة. وتمثل هذه الحدائق جزء من هوية هذه المدينة وشاهدا على تاريخ مراكش المشرق المبني على رؤية في التهيئة خاصة للفضاءات الخضراء التي أفرزت منذ قرون مناظر طبيعية بديعة جعلت من المدينة الحمراء مدينة إيكولوجية.