تشكل عقوبة الإعدام منذ سنوات موضوع نقاش في مختلف دول العالم. ولتسليط مزيد من الضوء على القضايا المرتبطة بها ، اختار التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام هذه السنة التطرق إلى وضعية الأطفال الذين ح كم على آبائهم بالإعدام أو تم إعدامهم ، باعتبارهم ضحايا منسيين لهذه العقوبة. ويشكل اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الذي يصادف 10 أكتوبر من كل سنة، مناسبة للتحالف للفت الانتباه إلى معاناة هؤلاء الأطفال الذين يتحملون عبئا عاطفيا ونفسيا ثقيلا. فالصدمة التي يتعرضون لها في أي مرحلة من مراحل هذه العقوبة في حق آبائهم ، والدورات المتكررة من الأمل واليأس التي قد ترافق كل تلك المراحل ، يمكن أن تكون لها آثار طويلة الأمد، ربما تصل أحيانا حتى مرحلة البلوغ. ويؤثر هذا الوضع بشدة على الحالة النفسية لهؤلاء الأطفال التي تتأرجح بين الحزن والاكتئاب والغضب والهلع والخوف ، وتختلف ردة الفعل من طفل لآخر ، حيث يجد أغلبهم صعوبة في التعامل مع هذا الواقع، كما يفقد البعض الآخر القدرة على التركيز والاهتمام بالدراسة. من جهة أخرى ، فإن “وصمة العار” داخل المجتمع الذي يعيشون فيه ، تعمق الاضطراب في الحياة اليومية لهؤلاء الأطفال ، الشيء الذي جعل العديد من المشتغلين في المجال الحقوقي يدعون إلى توفير الحماية والدعم لهم ، ومنع ممارسة التمييز والوصم الاجتماعي بحقهم ، والاهتمام بهم ، فضلا عن تقديم الخدمات التي يحتاجون إليها وعدم تركهم فريسة للعزلة واليأس والقلق. وحسب معطيات للتحالف العالمي لمناهضة الإعدام ، فإن 106 دولة ألغت عقوبة الإعدام لجميع الجرائم ، و8 دول ألغت عقوبة الإعدام للجرائم العادية، و28 دولة ألغت عقوبة الإعدام في الممارسة، و 56 دولة لا تزال تحتفظ بعقوبة الإعدام. وعلى الصعيد الوطني، حظي موضوع عقوبة الإعدام بنقاش عمومي واسع بهدف إيجاد توليفة بين حماية الحق في الحياة، الذي كرسه دستور المملكة (الفصل 20)، والمحافظة على النظام العام. وفي انتظار التوصل إلى إجماع حول هذه القضية، يتم منذ سنة 1993 اعتماد استراتيجية عدم تطبيق عقوبة الإعدام بالمغرب. ومن جهة أخرى، كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان من بين المؤسسات التي أوصت وطالبت بشكل دائم بإلغاء عقوبة الإعدام. غير أن قرار إلغاء هذه العقوبة لا يحظى بالإجماع، فهناك من يطالب بتنفيذها ، خاصة عندما يتعلق الأمر بجرائم بشعة وخطيرة. ويتزامن اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام هذه السنة مع الذكرى الثلاثين لاعتماد اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نونبر 1989، وصادقت عليها غالبية الدول. ونصت الاتفاقية التي تضمن حقوق جميع الأطفال ، في مادتها الثالثة على إيلاء الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تتعلق به سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية أو المحاكم. يتيح اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام إذن الفرصة لشريحة واسعة من الرأي العام في العالم للتعبير عن رأيها بخصوص هذا الموضوع والمحاور المرتبطة به ، خاصة وأنها من بين المواضيع التي لا زالت تذكي نقاشا سياسيا واجتماعيا كبيرا.