أجمع أساتذة الطب الثلاثة الذين جرى، أول أمس الثلاثاء، توقيفهم عن العمل بقرار من وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بداعي إخلالهم ب”التزاماتهم المهنية”، على أن القرار الصادر في حقهم كان مفاجئا واصفينه ب “التعسفي والجائر”. وبعدما لمح وزير التعليم العالي، سعيد أمزازي، في أكثر من مناسبة إلى وقوف جهات سياسية، لم يذكرها بالاسم، وراء احتجاجات طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان؛ أصدرت الحكومة أمس الخميس 13 يونيو الجاري، بلاغا تلاه الناطق الرسمي باسمها، مصطفى الخلفي، في مستهل الندوة الصحفية التي أعقبت انعقاد المجلس الحكومي، اتهمت من خلاله بصفة صريحة ومباشرة جماعة العدل والإحسان الإسلامية ذات الصبغة السياسية، ب”تحريض الطلبة على الاحتجاج واستغلالهم من أجل أهداف لا تخدم مصالحهم”. تبعا لذلك، يبدو أن هذه القضية ستدخل منعطفا جديد؛ سيما بعد دخول عدد من التنظيمات النقابية والمدنية والحقوقية على الخط، علاوة على الخطوات الاحتجاجية التصعيدية التي أعلن عنها كل من الطلبة من جهة وكذا أساتذة الطب بكل من مراكش والدار البيضاء من جهة أخرى، إذ سارعوا، كرد فعل غاضب، إلى إعلان مقاطعتهم جميع الأنشطة البيداغوجية بما فيها الامتحانات والمباريات والإشراف على الأطروحات، إلى حين السحب الفوري لقرار توقيف زملائهم الثلاثة. وهمَّ القرار كلا من البروفيسور إسماعيل راموز، أستاذ التعليم العالي بأكادير، والبروفيسور سعيد أمال، أستاذ التعليم العالي بمراكش، والبروفيسور أحمد بالحوس، أستاذ التعليم العالي بالدار البيضاء. راموز: “تحريض الطلبة.. تهمة باطلة: قال أستاذ التعليم العالي إسماعيل راموز، إنه فوجئ أول أمس الأربعاء، بمراسلة تلقاها من لدن وزارة التعليم العالي تقضي بتوقيفه عن العمل وإيقاف أجرته مع إحالته على المجلس التأديبي، مشيرا إلى أن “الوزارة المعنية لم تقدم أي توضيحات، مما أسقطها في الغموض”. وشدد راموز على أنه “متفان في أداء رسالته المهنية وملتزم بأخلاقياتها، ويبذل جهده في خدمة التعليم العالي عموما، والتكوين الطبي النفسي على وجه الخصوص”، مذكرا في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، من أسماهم ب”المشككين في التزامانه المهنية” بقائمة طويلة تضم المهام التي تقلدها على مدار مسيرته العلمية والمهنية منها؛ أنه كان أستاذا بكلية الطب بفاس انطلاقا من سنة 2006 إلى 2017، وحائز على الأهلية العلمية في علم الإدمان من جامعة باريس V و الأهلية العلمية من مصلحة الإدمان بمستشفى بول بروس سنة 2011 تحت إشراف الأستاذ الشهير ميشيل راينو Michel Reynaud. فأنا أستاذ لي مسؤولياتي البيداغوجية والتربوية والأكاديمية في الكلية والتي أنا حريص على احترامها، والالتزام بها، كما أنني مناضل نقابي مسؤول ممثل للأساتذة، وأعرف جيدا معنى الالتزام الأخلاقي والنضالي، لذلك فهذه التهم هي محاولة للهروب إلى الأمام عوض حل أصل المشكل”. يردف راموز، معتبرا قرار توقيفه “تعسفي وجائر”، داعيا إلى سحبه. أمال: “التهمة هي الدفاع عن الجامعة العمومية” الأستاذ سعيد أمال، انتقد بدوره قرار توقيفه إلى جانب زملائه الآخريْن، موضحا أنه على خلاف كل الاتهامات التي وجهت إليه، تظل تهمته الوحيدة هي الدفاع عن الجامعة العمومية وكذا المؤسسات الصحية العمومية. وتابع أمال أن انخراط الأساتذة في الحركة الاحتجاجية لأطباء المستقبل عن طريق إعلانهم مقاطعة حراسة الامتحانات الربيعية، مرده هو عدم توفر الشروط البيداغوجية الضرورية قبل إجراء امتحانات تحدد مصير الطلبة بعد سنة من التكوين، “فكيف يعقل أن يجتاز طالب امتحانات وهو لم يستوفِ بعد تكوينه العلمي النظري والتطبيقي”، يتساءل الأستاذ الجامعي. بالحوس: “اعتداء بسبب أنشطتي” أما أستاذ التعليم العالي بكلية الطب بالدار البيضاء، أحمد بالحوس، فقد وصف القرار ب”الانتقامي”، موردا في تصريح سابق لموقع “الأول”، أن سبب توقيفه عن العمل وإحالته على المجلس التأديبي يعود بالأساس إلى "دفاعه المستميت عن الجامعة العمومية ومساندته لطلبة كليات الطب في احتجاجاتهم المشروعة ضد خوصصة القطاع". وندد بالحوس بهذا الإجراء واعتبره “اعتداء وتعسف وظلم بين بسبب نشاطه النقابي والجمعوي والمهني والأكاديمي”. الأستاذ الجامعي الذي يرأس الجمعية المغربية للطب الشرعي، توقف في تدوينة ب”فيسبوك” عند ما أسماه ب”التوظيف الكيدي وعزل الأمور عن سياقها الذي يعرفه الجميع”، الأمر الذي يعد في نظره “محاولة لتحريف الموضوع، والتهرب من تحمل المسؤولية في تدبير الملف”.