استأثر التقرير الأممي الصادر عن الأممالمتحدة بحيز كبير من المناقشة وأثار شدا وجذبا بين كل من هيئة دفاع توفيق بوعشرين والنيابة العامة، خلال أول جلسة محاكمة، مؤسس “أخبار اليوم”، في مرحلتها الاستئنافية، التي انعقدت مساء اليوم الثلاثاء 09 أبريل الجاري بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء. هيئة دفاع بوعشرين ممثلة في كل من النقيب محمد زيان، والمحامي عبد المولى الماروري والمحامي مولاي الحسن العلاوي والمحامية إلهام بلفلاح، التمست من المحكمة رفع ما وصفته ب”الاعتقال التعسفي” الممارس بحق موكلهم، مستندة في ذلك على تقرير صادر عن مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأممالمتحدة، الذي جاء فيه أن “حرمان الصحافي توفيق بوعشرين من الحرية تعسفي ويتعارض مع المواد 9 و14 و19 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”. وخلال إثارته هذا الملتمس، قال النقيب زيان إن “القرار الأممي ملزم للدولة المغربية”، وتابع: “الجهة الصادر عنها التقرير هي مؤسسة دولية وليست مجرد منظمة حقوقية، وكل ما يصدر عن مجلس حقوق الإنسان ملزم للدول والحكومات”، مؤكدا أن بوعشرين اعتقل لكونه صحفي. وشدد محامي بوعشرين في معرض كلمته، على أن قرار فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي الصادر في شهر فبراير الماضي، كشف أن الاستمرار في اعتقال بوعشرين غير قانوني، وبالتالي، يضيف زيان “يجب تمتيع موكلي بالحرية، وإيقاف هذا الإجراء التعسفي في حقه”. من جهتها، أبرزت المحامية إلهام بلفلاح أن “المواثيق الدولية تسمو على القوانين الوطنية”، وأفادت بأن “المغرب ملزَم بتطبيق المواثيق الدولية التي صادق عليها ومن ضمنها المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، لافتة إلى أن رفع الاعتقال الاحتياطي عن موكلها “يعد خطوة إيجابية في اتجاه إنصاف توفيق بوعشرين الذي انتهكت حقوقه في هذا الملف”. على حد قولها. بالمقابل، انتقد الوكيل العام، محمد المسعودي، مضامين هذا التقرير، معتبرا أن “الفريق الأممي الذي تكلف بإعداده مورس عليه التغليط”. وقال المسعودي، ضمن كلمة فصّل فيها مبررات اعتقال بوعشرين وتناول بالشرح والتحليل مصوّغات قرار متابعة هذا الأخير في حالة اعتقال، إن “الفريق الأممي بات ينضاف إلى ضحايا بوعشرين”. وعلّل ممثل النيابة العامة، موقفه هذا بالقول إن “تقرير الأممالمتحدة أحادي الجانب، لم يطّلع على كافة معطيات الملف وغابت عنه تفاصيل دقيقة، أبرزها تعليل القرار الجنائي الابتدائي المكون من 600 صفحة”. من جهة أخرى، أورد المتحدث أن المحكمة غير معنية أصلا بهذا الملتمس وليس من صلاحياتها البث في هذه النازلة، لكون تقرير الفريق الأممي موجه للحكومة باعتبارها سلطة تنفيذية ولم يوجه للمحكمة ذات السلطة القضائية، موضحا أن “المحكمة مستقلة عن أي جهاز آخر ولا تخضع لأي تأثير خارجي مباشر أو غير مباشر”. وتابع ذات المتحدث قائلا: “حاشى لله أن تكون النيابة العامة تمارس اعتقالا تعسفيا، فنحن متشبّعون بثقافة حقوق الإنسان، وقد انتصبنا تفاعلا مع آلام الضحايا بتحريك الشكايات التي توصلنا بها”، مضيفا أن النيابة العامة “ليست ضد لجوء المتهم إلى آلية أممية”، فهذا حق مطلق واختبار حقيقي لمدى عدالة قضائنا”، يردف ممثل النيابة العامة. والتمس المسعودي بدوره من هيئة الحكم رفض طلب الدفاع وعدم إدراج تقرير الفريق الأممي ضمن وثائق الملف، على اعتبار أن اعتقال مؤسس جريدة “أخبار اليوم” له مشروعية قانونية تعززها الشكايات التي توصلت بها النيابة العامة، والتي على ضوئها تحركت إعمالا لدورها وواجبها في ضمان حقوق المشتكيات والحفاظ على الحق العام. على حد تعبير نائب الوكيل العام للملك. هذا، وقررت هيئة الحكم التي يرأسها القاضي لحسن الطلفي، تأجيل محاكمة الصحافي توفيق بوعشرين إلى غاية 26 أبريل الجاري. وكانت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمدينة الدارالبيضاء، قد قضت، شهر نونبر الماضي، في حق توفيق بوعشرين بالسجن 12 سنة نافذة وغرامة مالية قدرها 200 ألف درهم، بتهم أبرزها “الاغتصاب” و”الاتجار بالبشر”.