خصصت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء جزءا كبيرا من تعقيبها على دفاع الصحافي توفيق بوعشرين، مؤسس جريدة "أخبار اليوم" المتابع بتهمة الاتجار بالبشر، للحديث عن القرار الأممي القاضي برفع الاعتقال التعسفي عنه. واعتبر نائب الوكيل العام للملك، محمد المسعودي، خلال الجلسة التي عقدت زوال الثلاثاء بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أن ما ذهب إليه التقرير الأممي يبقى مجرد رأي، لافتا إلى أن "هذه الآراء تبقى غير نهائية وقابلة للمراجعة متى ظهرت عناصر جديدة". وقال المسعودي في مرافعته، وهو يعقب على ما ذهب إليه دفاع بوعشرين بقيادة النقيب السابق محمد زيان، إن "عمل اللجان الأممية التي تصدر مثل هذه الآراء المعتمدة على بلاغات وليس شكايات، تبقى طبيعتها استشارية وتفتقر للقوة القطعية وغير ملزم تنفيذها". وشدد المسؤول القضائي على أن الرأي الأممي الذي طالب الدفاع بالاستجابة له "لا يعد إجراء قضائيا لكونه غير صادر عن محكمة قضائية"، مضيفا أن "الفريق الأممي أكد ذلك بكونه لا يعتمد مسطرة قضائية". واعتبر ممثل الحق العام أن النيابة العامة تقدر آليات الأممالمتحدة لكونها تتوفر على الهاجس المشترك نفسه المتمثل في احترام حقوق الإنسان. كما تحدث نائب الوكيل العام في مرافعته عن ظروف اعتقال الصحافي توفيق بوعشرين وكذا تمكينه من جميع حقوقه، منها منحه حق الاتصال بدفاعه وزوجته، وحضور موكله أثناء مرحلة الاستنطاق، مستعرضا كذلك خطورة الأفعال المنسوبة إلى المتهم من خلال ما ضبط وحجز لديه من فيديوهات. ونوه محامو المطالبات بالحق المدني، الذين كانوا قد احتجوا في جلسة سابقة حين تحدث النقيب زيان عن "اتفاقات سرية" بينهم وبين النيابة العامة، بما جاء على لسان ممثل الحق العام، واعتبروا أنه دحض ما يذهب إليه دفاع المتهم حول اعتقال موكله بالحجة والدليل. ولَم تخل هذه الجلسة من مناوشات ومشادات بين الدفاع والنيابة العامة، حيث انتفض النقيب زيان رفقة ابنه، بعد اتهامه من لدن ممثل الحق العام بإخفاء شاهدة، في إشارة إلى واقعة العثور على شاهدة داخل سيارة بمنزل زيان في رمضان الماضي. واحتج النقيب على ذلك مؤكدا أن ما ورد على لسان نائب الوكيل العام كذب، وأنه لم يقم بإخفائها، مشيرا إلى أن ابنه لا يتوفر على سيارة، كما أن المطالبة بالحق المدني، وليست شاهدة، بحسبه، كانت بسيارة صديقتها، غير أن ممثل النيابة العامة احتج على اتهامه بالكذب واعتبر ذلك قذفا في حقه. وأمام هذا الوضع، اضطر القاضي الحسن الطلفي إلى رفع الجلسة من أجل عودة الهدوء إلى القاعة، قبل أن يقرر تأخير الملف إلى غاية الأسبوع المقبل، حيث سيواصل ممثل النيابة العامة مرافعته.