الدكتورة هناء الشرادي* ما زالت كرة القدم النسائية في المغرب في بدايتها، وتشهد تعثرات متتالية رغم الجهود المبذولة في محاولة التوصل إلى نتائج ملموسة. وبداية نتساءل عن الأسباب التي جعلت كرة القدم النسائية تتعثر، وظلت السياسات الإصلاحية بعيدة عن تحقيق الأهداف المحددة؟. في هذا السياق نسوق التجربة المغربية في ظل التجارب النظرية والتجريبية لبعض الدول حتى نتمكن من تحديد هيكلة واتساق النموذج النظري في ظل احترام خصوصيات ومكونات الهيكلة المغربية لكرة القدم وضمان نجاعة أفضل لحكامة المنظومات الرياضية، لا نهدف وراء هذا الجرد مقارنة أرقام ولاسياسات بل تجارب ناجحة أدت إلى مضاعفة أرقام الممارسات لكرة القدم وتطور البنية التحتية وحصد لمستوى راق وأسلوب مميز في المزاولة وضمنت بالتالي المرور من مزاولة نسائية لمجرد واجهة التساوي بين الجنسين إلى واجهة الفرجة والمتعة التي هي هدف كرة القدم بالنسبة للجنسين. شهدت كرة القدم النسائية طفرة مهمة في عدد الممارسات، فقد تضاعف العدد من 800000 ممارسة سنة 2012 إلى مليون و 700000 ألف ممارسة سنت 2016 حسب بيانات الإتحاد الأوروبي لكرة القدم، وفي فرنسا لوحدها انتقل عدد الممارسات من 1700 ممارسة سنة 1970 إلى حوالي 160000 ممارسة بهدف الوصول إلى 300000 ممارسة هذا العام، أما المغرب فهناك فقط حوالي 1300 ممارسة وما يبعث على الأمل هو الإهتمام المتزايد الذي توليه الجامعة المغربية لكرة القدم بهذا النشاط حيث لا تألو جهدا في هيكلتها وتركيز جهودها في الفئات الصغرى بكونهم الدعامة الأولى للتنمية الرياضية. بخصوص أول تجربة: رياضة – دراسة لموسم 2018 – 2017 بتكوينه أربع مجموعات بفئات عمرية لا تتعدى 20 سنة، مع تسطير نظام جديد للبطولة في أفق ثلاث سنوات ابتدءا من سنة 2016 هدفه الأول هو تقليص عدد الفرق في القسم الأول للبطولة الوطنية بغية الرفع من مستوى المزاولة وجعلها مرتكزة على النخبة حيث أنها نظمت على النحو التالي: 2016 – 2017 : القسم الأول: 24 فريق مقسم على ثلاثة مجموعات. القسم الثاني: 27 فريق مقسم على أربع مجموعات. 2017 – 2018 : القسم الأول: 16 فريق مقسم على مجموعتين. القسم الثاني: 36 فريق مقسم على ثلاث مجموعات. 2018 – 2019 : القسم الأول: 12 فريق في مجموعة واحدة. القسم الثاني: 36 فريق مقسم على ثلاثة مجموعات. ولعل حرص المغرب على النهوض بهذه الرياضة، يتجلى في تنظيمه لأول ندوة عالمية حول كرة القدم النسوية بمراكش مارس 2018 بشراكة مع الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم وبحضور الكاتب العام للإتحاد الدولي لكرة القدم والتي حصرت مداخلاتها حول العراقيل والصعوبات التي تعترض مزاولة اللعبة وإرساء إستراتيجية كفيلة بالنهوض بها، وجاء بيانها الختامي مشابه للاستقراء الذي جاءت به السيدة فاطمة سامورا الكاتبة العامة للإتحاد الدولي لكرة القدم أكتوبر 2018 حيث وضعت استراتجيات للعمل وأهداف لتحقيقها في الأمد القصير والطويل، ويتلخص البيانين في: الرفع من عدد الممارسات وتوسيع القاعدة الجماهيرية لتصل في أفق 2026 إلى 60 مليون ممارسة. تسطير خطة لكل جامعة باحترام الخصوصيات الثقافية والاجتماعية لبلدها وذلك في مدة أقصاها 2022. تحسين القيمة التسويقية للمنتوج الكروي النسوي، والرفع من نسب المشاهدة أثناء التظاهرات العالمية بهدف الوصول إلى عدد المشاهدين لبطولة العالم 2019 إلى مليار مشاهد، للتذكير فإن العدد كان 750000 في بطولة العالم 2015. تحسين صورة الممارسة النسائية بتكثيف التنافس بين الفرق على الصعيد الوطني والدولي. اكتساب معرفة في التسيير الإداري والتقني للأندية وتوفير تكوين مستمر لهم مع إقحام وإدماج العنصر النسوي داخل هرم التسيير الجامعي والهيئات العالمية. إنشاء برامج خاصة وتكوينات طبية لمواكبة كرة القدم النسائية بأخذ بعين الإعتبار الخصوصيات ومكونات جسم المرأة من الناحية الفيزيولجية والنفسية. أخيرا أتعرض لأكبر معضلة تواجه كرة القدم النسائية وهي التمويل، كيف جلب التمويلات الأساسية لإرساء تسيير الأندية وجعلها مثيلة لكرة القدم الرجالية. سنة 2014 من خلال البحث الذي أجراه الإتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)المبلغ الإجمالي المستثمر في كرة القدم النسوية انطلاقا من 177 جمعية منخرطة تحت لواء الإتحاد الدولي لكرة القدم(UEFA) هو 156 مليون دولار مع وجود فرق شاسع بين الاتحادات. مثلا التمويل الأهم هو تمويل الإتحاد الأوروبي لكرة القدم بمبلغ 99 مليون دولاروبمعدل مليوني دولار لكل جامعة منخرطة، هذا المبلغ مقسوم على 9 بالنسبة للفيدرالية الإفريقية لكرة القدم بمبلغ,611 مليون دولار وبمعدل حوالي 263400 دولار لكل جامعة منخرطة، بالنسبة للمغرب فالجامعة المغربية لكرة القدم ترصد مبلغا ماليا لا يناهز عشر المبلغ المخصصللرجال، فالتمويل بالنسبة للإناث ضعيف جدا ولا يتناسب مع حجم التطلعات والإستراتيجيات التي تطمح إليها الأندية، فأول ما يمكن التفكير فيه هو زيادة المنحة المعطاة للأندية، ومن ذلك يجب التفكير في مصادر التمويل دون إغفال عالم السمعي البصري الذي أصبح ممولا محترما للرياضات في العالم. على ضوء هاته الإيضاحات من المؤكد أن هناك جهود مبذولة من طرف الجامعة لها إيجابياتها ولايمكن إلا دعمها فهي منظومة مهيكلة في سياقها الاجتماعي والاقتصادي، هدفها الرئيسي الإرساء الفعلي لسياسة كروية نسائية لكن تبقى غير كافية، فيجب مواكبة الأندية المنضوية تحت لواء الجامعة بتوسيع نفوذ ممارسة اللعبة في القاعدة الجماهيرية الشبابية والمرتكزة أساسا في المدارس والإعداديات والثانويات، هذا الخرق لهاته المؤسسات هو الكفيل لاكتساب جماهيرية واسعة بين الشابات، فهي في حد ذاتها قيمة إنتاجية بمعنى أنها خزان طاقة يتولد عنها إنتاج خصب ومتنوع، ولعل هذا التوجه الرياضي هو أفضل صيغ الملاءمة والتكامل وفق سياسة تربوية رياضية مهيكلة، ويجب مواكبة1هذا الإنتشار بالتأطير وبتحبيب اللعبة لكسر المقاومات النفسية الإجتماعية التي تعرقل الممارسة، ومن أجل تجميلها يجب استدعاء لاعبات عالميات إلى المغرب حيث من شأنه تزكية صورة اللاعبة المبتكرة عند الشابات المغربيات وتحفيزهم نحو الممارسة وتقمص شخصيتهم وغرس قيم المنافسة الرياضية السليمة، ولعل أكبر آفة تواجه الشابات المغربيات هو التهميش الذي يبقى السلاح الهدام لكل طموح شخصي نحو الممارسة ونقول في النهاية “العقل السليم في الجسم السليم” وبما أننا نكتب المقالة عن الإيناث فنحن نصوغها بصيغة التأنيث. ونتساءل في الأخير ألا يمكننا أن نعكس المغامرة وندخل غوار التأنيث لخوض السفر من بنية التأنيث الى بنية الملعب؟ لعلها المقالة المقبلة. *طبيبة مختصة في الطب الرياضي