أعلنت الشرطة السودانية اليوم الخميس، مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في تظاهرة مناهضة للحكومة قامت بتفريقها بالغاز المسيل للدموع في أم درمان، بعدما تظاهر آلاف في الخرطوم دعما للرئيس السوداني عمر البشير. وجرت التظاهرتان الأربعاء بعد شهر من التحركات الغاضبة احتجاجا على رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف في وقت تعاني البلاد من نقص حاد في العملات الأجنبية وتضخم بنسبة 70%. وذكر شهود عيان أن المحتجين رددوا هتافات “حرية سلام عدالة” و”الثورة خيار الشعب” وأغلقوا طريقا أساسيا في أم درمان لكن الشرطة تصدت لهم مستخدمة الغاز المسيل للدموع. وأظهرت تسجيلات انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي يتعذر التحقق من صحتها، متظاهرين يرشقون رجال الشرطة بالحجارة. ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن الناطق باسم الشرطة هاشم عبد الرحيم الخميس قوله “حدثت تجمعات غير قانونية وإحداث شغب تعاملت معها الشرطة والأجهزة الأمنية وفق القانون وفرقتها الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع”. وأضاف المصدر نفسه “لاحقا تلقت الشرطة بلاغات بثلاثة حالات وفاة وعدد من الإصابات يجري التحقيق حولها تحت إشراف النيابة العامة”، موضحا أن الشرطة فتحت تحقيقا. في حين لم توضح الشرطة كيف سقط هؤلاء القتلى. وكانت مصادر طبية ذكرت لوكالة “فرانس برس” أمس الأربعاء أن متظاهرا قتل وأصيب ستة آخرون بالرصاص خلال تظاهرة مناهضة للحكومة السودانية في أم درمان. وكان الآلاف احتشدوا في الخرطوم صباح الأربعاء دعما للرئيس عمر البشير الذي يواجه منذ أسابيع حملة تظاهرات واحتجاجات مناهضة للحكومة في جميع أنحاء البلاد، يقول محللون إنها أكبر تهديد يواجه البشير الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد منذ توليه السلطة في انقلاب في 1989. وناشد حزب الأمة المعارض الأطباء إسعاف الجرحى، وقال إن عددا من المشاركين في التظاهرة المعارضة للبشير أصيبوا بالرصاص. وقال أطباء في المستشفى الرئيسي في أم درمان إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على المستشفى. ونقلت وسائل إعلام عن “فرعية أطباء مستشفى أم درمان” قولها في بيان “شهدت مستشفى أم درمان إطلاق الغاز المسيل للدموع داخل حوادث مستشفى أم درمان التعليمي تحديدا “، من دون توضيح مصدر إطلاق قنابل الغاز. ولم تصدر السلطات السودانية أي تعليق على المواجهات لكن البشير ألقى باللوم في أعمال العنف التي حصلت خلال الاحتجاجات، على متآمرين لم يسمهم. وقال في كلمة خلال مهرجان للرماية العسكرية شرق مدينة عطبرة (250 كلم شمال الخرطوم) الثلاثاء “الذين تآمروا على السودان بكل أسف زرعوا في وسطنا بعض العملاء وبعض الخونة الذين استطاعوا أن يستغلوا بعض ضعاف النفوس الذين كس روا وحرقوا وخربوا”، بحسب ما أوردت وكالة أنباء السودان الرسمية. وأفادت السلطات أن 22 شخصا على الأقل قتلوا في التظاهرات، بينهم عنصرا أمن. إلا أن منظمة هيومن رايتس ووتش تقول إن عدد القتلى وصل إلى أربعين. وفي بداية الاحتجاجات التي اندلعت في 19 دجنبر في بلدات وقرى سودانية قبل أن تتمدد إلى الخرطوم، أحرق المتظاهرون العديد من مقار حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه البشير. ونظمت التظاهرة المعارضة، أمس الأربعاء بعيد تظاهرة حاشدة لمؤيدي البشير في الساحة الخضراء في الخرطوم وسط انتشار كثيف لعناصر شرطة مكافحة الشغب والجنود وقوات الأمن. وقال البشير لمناصريه “هذا الحشد يرسل رسالة للذين يظنون أن السودان سيلحق بالدول التي انهارت”. واستقبل الحشد وصول الرئيس بالتكبير، وهتافات أخرى مؤيدة. ورافق الرئيس زوجته وعدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين. وقال البشير في كلمته لمناصريه “الذين سعوا لتكسير السودان (…) قالوا لنا شروط لو عملتها كل المشاكل ستحل. نحن عزتنا أغلى من أي دولار”، في إشارة على ما يبدو لواشنطن التي فرضت حظرا تجاريا على الخرطوم في 1997. وتم رفع الحظر في 2017. واعتقل أكثر من 800 شخص منذ بدء الاحتجاجات، بحسب مسؤولين أكدوا أن الوضع استقر الآن. وبين المعتقلين عدد من زعماء المعارضة والنشطاء والصحافيين. والأربعاء رفضت وزارة الخارجية السودانية انتقادات وجهتها بريطانيا والنروج والولايات المتحدة وكندا التي أعربت في بيان مشترك عن قلقها بشأن الوضع في السودان. ودعا البيان “الحكومة السودانية إلى إجراء تحقيق شفاف تماما ومستقل في موت المتظاهرين بأسرع وقت ممكن، ومحاسبة المسؤولين”. وردت الخارجية السودانية على موقف الدول الغربية الأربع وقالت في بيان “تعرب وزارة الخارجية عن رفضها واستنكارها للبيان المجافي للحقائق والصادر من دول الترويكا وكندا”، مؤكدة ان “السودان ملتزم بحرية التعبير والتظاهر السلمي والذين فقدوا أرواحهم مواطنون سودانيون”.