يُجمِع المحلّلون الأوروبيّون، سياسيّون كانوا أم اقتصاديّون، على أنّ عدد المسلمين في القارة الأوروبيّة في زيادة دائمة لا توقفها حتّى الأزمة الماليّة وما اشتقّ منها من إجراءات اتّخذتها وزارات الداخليّة الأوروبيّة لتقويض حركة الهجرة الشرعيّة من منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا الشماليّة. ويوجد للشركات الأوروبيّة مرصد "خفي" يتابع زيادة سكّان أوروبا المسلمين عن كثب. في هذا الشهر الكريم، يتوجّه انتباه هذه الشركات نحو تقديم عروض خاصّة بالمأكولات والبرامج السياحيّة والمبادرات الإعلاميّة. من جانبها، تقدّر وزارة الاقتصاد الإيطالية أنّ منتجات الطعام "الحلال" تصل قيمتها الكليّة، على الصعيد الأوروبي، إلى 632 مليون يورو. هكذا، يقع شهر رمضان، كلّ سنة، بين طقوس الإيمان التي تحاول الجاليات الأجنبيّة المسلمة من خلالها تقوية علاقاتها مع وطنها الأم، وطقوس الأعمال التي تثير شهيّة عدد متصاعد من الشركات الأوروبيّة. على صعيد فرنسا وإيطاليا، حيث تؤدّي الجالية المغربية دورًا مهمًّا في الأنسجة الاجتماعية لهذين البلدين الغربيين، نجد مثلاً سلسلة السوبرماركت "أوشان"، التي تمّ إغراقها حاليًّا بمنتجات الأطعمة "الحلال" إلى جانب عرض تشكيلة واسعة من الخضراوات ومشتقّات الحليب. في حين اختفى عن الأنظار، بصورة شبه تامّة وموقّتة، كلّ ما يثير العتب في نفوس المستهلكين المسلمين، كالكحول ولحم الخنزير ومشتقّاته. الأمر الذي لا شكّ فيه هو أنّ هذه الاستراتيجيّات الغذائيّة ليست طوعيّة إنّما تكون مرتبطة بدوّامة أعمال ماليّة ضخمة، إذ يكفي النظر إلى السوق العالميّة للمنتجات الحلال التي تبلغ قيمتها الكليّة سنويًّا 632 مليون دولار أي حوالى ال442 مليون يورو، الأمر الذي يجعلها تستأثر ب16 في المئة من القيمة الإجماليّة للصناعة الغذائيّة العالميّة! يذكر هنا أنّ بعض عمالقة الصناعات الغذائيّة، مثل "نستله" و"تيسكو" و"ماك دونالد"، يراقبون بشغف التطوّرات المتعلّقة بسوق "الحلال" بهدف عرض منتجات جديدة وصديقة للمؤمنين والمستهلكين المسلمين في أوروبا.على صعيد سويسرا، خصوصًا مدينة "زوريخ"، إبتكر بعض أصحاب الفنادق باقة سياحيّة تدعى "باقة رمضان" حيث يتمّ تقديم الأطعمة المسموح بأكلها في الشريعة الإسلامية في مواعيد معيّنة (السحور والإفطار) عدا عن تجهيز الغرف بسجّادات للصلاة وخرائط للجوامع الموجودة في المدن السويسريّة.