يطارد مدرسون تلاميذ المؤسسات التعليمية العمومية بوصلات إشهارية لدروس الدعم والتقوية في عدد من المواد الدراسية ذات الثقل التقويمي في الامتحانات الإشهادية على مستويات التعليم الثلاثة. ونافس أساتذة التعليم النظاميين طلبة جامعيون في سلك الماستر والدكتوراه وزملاء متقاعدون... كلهم يتبضعون من فصول دراسة كسدت بفعل التواطؤ الذي أحال الحصص الخصوصية كأنها ضرورة وما هي إلا تجارة مربحة ل"قطاع غير مهيكل". وأبدعت الوصلات الإشهارية للدروس الخصوصية بكل فنون الدعاية والإعلان متوسلة بالتقنيات الحديثة للتواصل، والرسومات الرقمية والصور المبهرة على الورق اللامع أو صفحات الضوء الخاطف... تتهافت على "الزبائن" من أبناء أسر كل الفئات التي لا يغري (مدرسي الدعم والتقوية) منها غير الميسورين أو الطبقة الوسطى. وما عاد يكفي المدرسين العملُ ساعات إضافية في حصص التعليم بالمؤسسات الخصوصية المرخصة وفق القواعد المنصوص عليها في التشريعات المدرسية، بل لم يعد يقنعهم ما يتحصل لديهم من تعويضات وأتعاب عن ذلك، فبلغ الجشع منتهاه حين نبتت كالفطر مراكز دروس "الدعم والتقوية" في كل مكان وتحول كل بيت في المدينة والقرية معا إلى فصول تتاجر بأزمة التعليم في بلادنا وعلى حساب موضع الوجَع لدى الأسر. وأضحت هذه المراكز مثلُها مثل المعامل السرية التي يأتينا الخبر عنها عند الفواجع كسِرداب طنجة، تستقطب مئات التلامذة تُكَدِّسهم في حجرات بلا مواصفات تربوية أو شروط تضمن السلامة والأمان، وفي ظروف الجائحة لا تؤمن التباعد الجسدي للوقاية من فيروس سارس كوف-19...هي كغيابات الجب وتجِدُ للأسف من أساتذة الصفوة في التعليم العمومي من يُشهِر لها ويأتي بجحافل الطامعين في افضل النتائج وأحيانا بعض الطمع في جود وأريحية ورضى الذين يدرسونهم وحسْب. وتنتشر الدعاية والإعلان في كل الأوساط وبكل الوسائط حتى تبلغ من بأيديهم سلطة الحل والعقد من الأوصياء على الوظيفة العمومية وعلى قطاع التربية والتكوين ومعهم السلطات المحلية...ولكن، قد غشيهم ما غشيهم إما من المصالح الذاتية أو المنافع الخاصة أو المكاسب من الفيء أو التقصير في المسؤولية أو الغفوة حتى السبات فلا توقظهم غير فاجعة مؤلمة لضحايا صمت وتستر وتواطؤ وإهمال وتقصير. فعسى يكون لقتلى طنجة وضحايا الفواجع عند ربهم كلمة تنفذ لقلب كل مسؤول في بلادنا ولضميره، لحقن الاسترزاق ووقف نزيف الاستغلال في كل القطاعات وأهمها التعليم الذي ينخرط بقوة في نسيج القطاعات غير المهيكلة التي تبيح للمستفيدين منه أرباحا طائلة وريعا لا حدود له وتمنع على خزينة الدولة ضرائب ورسوما وواجبات وحقوقا وتعطل التنمية وتبث في اجيال من الشعب المغربي روح الانتهازية بما مورس عليهم من استغلال واستنزاف أثناء تمدرسهم.