شعبنا طيب أصيل وفي، أرهقه الإستبداد، وأتعبه الظلم، وأثقل كاهله الحِمل، وعلم في ظهره سياط الجلاد، وأقعدته الحيلة وضيق اليد، وعذبته القرارات الإرتجالية، لا يمثله سياسي طائش، أو مثقف خائن، أو إعلامي مضلل، فلا نحمله فوق طاقته، ففيه الخير، وعليه الأمل… ولأن الأوراق اختلطت وتشابهت، والأحلام تشوهت، والعزائم فترت والقلوب زاغت، والرؤى غائمة، والبصيرة ضعيفة، والحق والباطل امتزجا، وصرنا حيارى ضعافاً، ننوي الخير وقلّما نفعله، ونفعل الشر وإن كنا لا ننويه ونحن تائهون… فلنبحث عمن يقوم علينا الحداد، فحكومتنا لا يهمها إلا استنزاف جيوب العباد، النوام في نومهم يغطون والمستشارون في كل واد يهيمون، وكلهم من خواء ينسلون، ومنهم من اتبع منهج المجاحشة في إحدى تجمعات السوء والرخاصة والمستنقعات الآسنة من النذالة، وهو أسلوب من أساليب النقاش الحر بالأيدي والأقدام واللكم واللطم والركل والمناطحة بين الحمير البشرية، لهم الوقت الكافي للكلام الغير المباح، ولا وقت لهم للحضور إلى الميادين إلا في مواسم الإنتخابات لأجل حشد الأصوات والصياح، وإشعال نار التنافس الخسيس الذي يولد الضغينة والحسد والخراب، والإبتعاد عن حضارة التنافس الشريف الذي يولد العطاء والإنتاج والإبداع… ولتلميع صورهم يشترون إعلاماً رديئاً، وقنوات ومواقع نائحة مستأجرة، باحثة عن مناحة تنفخ فيها قطيعة، وعن عقدة تنفث فيها شرّاً، حمالة حطب تُضرّم المجامر، وتكوّم النار، وتوقظ اللهب، كذّابة ربيعة صبوة فاجرة، وسخافة مزينة، واستدعاء زنيم، وعقل راتع في عطن، ومن أروع ما قال في هذا السياق المجاهد الثوري تشي جيفارا "لا شيء أسوء من خيانة القلم، فالرصاص الغادر قد يقتل أفراداً، بينما القلم الخائن قد يقتل أمماً" واحذروا أيها الفضلاء حتى لو كان يجمعكم الإنتماء للون الواحد، فلا تقتلوا أصحابكم بشحن الغرور فيهم، وادعاء الصواب لهم والإصطفاف الأعمى معهم عند الخلاف، ونسبة الخطأ إلى من يخالفهم، والتصفيق لكل أمر يبادرون إليه، والنفخ في حاجة الناس لهم كأنهم الغيث المغيث الذي لا يقوم الزرع إلا به، فالتوجه المصلحي يوقع صاحبه في مطبات متواصلة بسبب غياب الرؤية الإستراتيجية المرتكزة على المصلحة العامة، وهذا هو عمى البصر وعمى البصيرة…