كيف يحصل البرلمانيون على معاش مدى الحياة ولهم صفة انتدابية محددة بالزمن، مع العلم أن دستور 2011 الفصل 60 منه واضح ولا لبس فيه حيث ينص *على تكوين البرلمان من مجلسين مجلس النواب ومجلس المستشارين ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة* .أي أن نيابتهم هي رهينة بعملية انتخابية. وكيف لوزراء يقضون فترة قصيرة يحق لهم الاستفادة من هذا المعاش حتى و إن كان الأمر مرتبط بولاية حكومية كاملة فإنه من غير المعقول أن يحصل أعضاء الحكومة على هذه المعاشات مدى الحياة لأن مهمتهم تنتهي بانتهاء صفتهم الحكومية، ما هذا السخاء هل يقدمون بعدها شيئا، الكثير منهم يقفل عليه باب منزله ويختفي ولا يقدم بعدها شئيا لكنه في المقابل لا ينسى أن يسحب معاشا سمينا معفى من كل ضريبة. فإذا كان من يتحجج بإقرار هذه المعاشات في فترة سابقة وفي مرحلة معينة. المرحلة تغيرت بالتعاقد حول دستور جديد يقر بالمساواة في الحقوق وبالواجبات، بكرامة المواطن بكرامة العيش للجميع. والحكم في العملية الإنتخابية هي إرادة الناخبين، هل إرادة الناخبين تمنحهم حق التمثيلية مدى الحياة طبعا لا ؟ وهل إرادة الناخبين تمنحهم حق الإمتياز من المعاش مدى الحياة طبعا لا؟ إنه مجرد إبداع من طرف المشرع ولا أساس له ، وكيف نفسر منح المعاش قبل بلوغ سن 60 سنة للبرلمانيين، في حين باقي المواطنين ممن في القطاع العام والخاص نمنحهم المعاش بعد وصولهم سن 60 سنة، والأساتذة الجامعيون والقضاة حتى بلوغهم سن 65 سنة إنها مفارقة عجيبة بكل المقاييس، فقط فترة انتدابية واحدة محددة في خمس سنوات تمنح لصاحبها معاشا يصرف في الحال أي مسألة الإنتظار غير واردة بحسب ماهو محدد في القانون، وبالرجوع إلى الفصل 62 من الدستور نجده كان عميقا في التوضيح أكثر، حيث *ينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع المباشر لمدة خمس سنوات وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس*. أي أنه تحدث عن انتهاء العضوية، عن انتهاء العضوية المرهونة باستعادة الثقة من جديد بعملية انتخابية، كيف سنبرر أن نائب برلماني تم انتخابه وانتهت عضويته بانتهاء مدة الانتداب، ولم يرد أن يعيد تجديد نفسه ليكون مرشحا ثم نائبا ؟ أو الحزب رفض منحه تزكية الترشيح ولم يترشح ؟ أي أنه والحالة هذه، سيبقى مستفيدا من معاش بأصوات الناخبين مدى الحياة حيث يجعلها رصيدا طويلا من الانتفاع ،هل الناخبين لا يغيرون قناعاتهم؟. إن ضمان الإستمرار في الإستفادة من المعاش هو التفاف على إرادة الناخبين ؟ وكيف نبرر أن مجموعة من المرشحين كانوا نوابا ورسبوا في الانتخابات التشريعية هذا دليل على أن الناخبين هم مصدر شرعية الإنتخابات، وشرعية مؤسسة البرلمان التي ينبغي أن تكون خير معبر عن انتظارات المواطنين. ونبرز أمثلة كثيرة على أن هذه المعاشات ينبغي أن تتوقف وأن يتم الإقتصار على التعويض الذي يحتاج إلى إعادة النظر وأن يخضع بدوره إلى تقنيين بدل اعتماد التعويض الجزافي الذي يمنح للبرلماني المجتهد كما البرلماني الكسول. أليس لكل مجتهد نصيب حيث يجب أن يكون هذا التعويض مقرونا بشروط محددة لا أن يبقى بدون قيود وهو ما يمنحنا صورة لبرلمان فارغ، ولجان بعدد محدود وتصويت بعدد قليل على قوانين مصيرية وذات أهمية كبيرة. إن صورة البرلمان ينبغي أن تتجدد ممارستها وأن تكون محكومة بهاجس الغيرة الوطنية و خدمة المجتمع ومصالحه العامة المشتركة لتبقى هي المحرك وليس الامتيازات. والمعاش ما هو إلا امتياز، ومن يدافع عن إبقاءه إنما يدافع على أن يبقى البرلمان معرض لاستنزاف ميزانية مهمة، وهنا نناشد البرلمانيين و الوزراء باسم الروح الوطنية باسم المصلحة العامة التي يرددونها كثيرا على مسامعنا ، هي لحظة مهمة لتكونوا خير المبادرين بتحقيق هذا المبتغى. أحاول شخصيا تصور أن نمنح معاشا للبرلمانيين شباب أكيد سندخل كتاب غنيس من خلال تقديم معاش لأصغر المتقاعدين في العالم. ثم لماذا منح المشرع لأعضائه المعاش؟ ولم يمنح المعاش للمنتخبين في الجماعات المحلية؟ أليست لهم صفة انتدابية بدورهم ويسهرون على التدبير اليومي للمواطنين؟ إن المشرع لأنه يملك الحق في التشريع فقد منح لنفسه حقا وقننه بقانون وهذا القانون أصبح متقادم يعود لسنة 1993 لا يصلح أن يكون في ظل دستور 2011. لذلك معاشات الوزراء و البرلمانيين ريع سياسي يحتوي على ظلم كبير ينبغي أن يتوقف وهنا سنعرف من من الأحزاب التي ستمضي في إلغاءها؟ وهل الحكومة و البرلمان سيسرعون إلى إلغاء هذه المعاشات أم سيبحثون على تخريجات للإبقاء عليها؟ وهنا سنكتشف طبيعة الإرادة السياسية هل إرادة سياسية انتهازية أم إرادة سياسية تصطف نحو مطالب الشعب؟. رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب