يبحث حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبيّة في المغرب في مستقبله السياسي، ومصير اعضائه في الحكومة بعد الخسارة الكبيرة التي مني بها في الانتخابات البرلمانية. إذ تواترت انباء اخيرًا أنه يبحث بين خيار البقاء في الحكومة أو الانضمام الى صفوف المعارضة. ويؤكد محمد ضريف، استاذ العلوم السياسية بجامعة المحمدية في حديث ل "إيلاف" أنّ "الانقسام في الحزب كان واضحًا، قبل تاريخ الانتخابات، بين من يريد الرجوع إلى المعارضة و من يتشبث بالمشاركة في الحكومة". الدارالبيضاء: يمر البيت الداخلي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (أحد أكبر مكونات اليسار في المغرب) بمرحلة دقيقة، سيترتب عنها تحديد مصيرها السياسي، الذي يقف أمام بابين الأول يقود إلى الباب في الائتلاف الحاكم، والآخر يجره إلى الالتحاق بصفوف المعارضة والنزول من قطار الوزير الأول عباس الفاسي. وبدأت بوادر تجدد النقاش حول هذا الأمر، بعد تواتر أنباء دخول اتحاديين في سباق مع الزمن لجمع التوقيعات التي تخولهم إسقاط وزرائهم من الحكومة. وأشارت إلى ان أعضاء من المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي، محسوبين على التيار المطالب بالخروج إلى المعارضة، شرعوا في التعبئة لجمع ما يكفي من توقيعات أعضاء برلمان الحزب لتحقيق النصاب القانوني، الذي يخول عقد دورة المجلس قبل نهاية شهر تشرين الثاني (أكتوبر) الجاري، دون انتظار قرار المجلس الوطني. ويأتي هذا في وقت انعكس هذا الخلاف على الائتلاف الحكومي، إذ تضاربت الأنباء عن احتمال إجراء تعديل حكومي بسبب "الأزمة الاتحادية"، وهو ما استبعده سياسيون ومحللون، معتبرين أن "المسألة داخلية سيحسمها الحزب بالطريقة الصحيحة والمناسبة". وقال محمد ضريف، استاذ العلوم السياسية بجامعة المحمدية، إنه "بعد النتائج التي حققها الحزب في الانتخابات البرلمانية، إذ كان من أكبر الخاسرين، تجدد النقاش حول مسألة البقاء في الحكومة. وكان هناك انقسام واضح، قبل هذا التاريخ، بين من يريد الرجوع إلى المعارضة و من يتشبث بالمشاركة في الحكومة، وهو ما دفع إلى إبعاد الكاتب الأول السابق للحزب محمد اليازغي، بعد أن جرى تخييره بين منصب الكاتب الأول وبين وزير دولة بدون حقيبة، فاختار المنصب الأخير". وذكر محمد ضريف، في تصريح ل"إيلاف"، إلى أن "هذا الخلاف تجدد داخل الحزب بعد انتخابات المجالس البلدية، في 12 حزيران (يونيو) الماضي، لأن هناك من يرى أن النتائج المسجلة، التي كانت سلبية، سببها المشاركة في الحكومة"، مبرزًا أن هذا الموقف دفع "الكاتب الأول الحالي، بعد الواحد الراضي، إلى اقتراح إمكانية طرح المسألة للتصويت"، مشيرًا الى أن كل الاحتمالات واردة، وان الطرف الذي ستكون لديه القدرة على تعبئة أعضاء المكتب السياسي، ستكون له الأفضلية. وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة المحمدية أن "هناك احتمالاً في أن ينتقل الحزب إلى المعارضة، مع بقاء وزرائه في الحكومة، كما فعل الأصالة والمعاصرة في حالة وزير التعليم أحمد اخشيشن، الذي جمد عضويته بعد انتقاله إلى صفوف المعارضة. غير أن هذا الاحتمال يبقى صعبًا لأن الاتحاد الاشتراكي لا يمكنه تجميد عضوية كاتبه الأول"، وخلص إلى القول "خروج وزراء الاتحاد من الحكومة ليس بيد الحزب وحده". وكانت مؤشرات التباعد بين الاتحاديين والاستقلاليين، الذين يقودون الحكومة الحالية، واضحة منذ الإعلان عن تشكيل حكومة عباس الفاسي، في نوفمبر/تشرين الثاني 2007، ووصف الاتحاد الاشتراكي مشاركته بها (5 وزراء) بالمشاركة النقدية، خاصة أن هذه المشاركة وطبيعتها لم تلقَ قبول كل الإشتراكيين بعد تراجعهم الكبير في التشريعيات التي جرت في سبتمبر/أيلول 2007 وارتفاع أصوات من بينهم تدعو إلى العودة إلى صفوف المعارضة. يذكر انه في كل الملفات الساخنة التي واجهت حكومة عباس الفاسي، كان الإشتراكيون يتخذون موقف المعارضة مثلما حدث بخصوص قرار الحكومة اقتطاع أجور المضربين عن العمل أو إصدار مدونة السير وأخيرًا الإصلاحات الدستورية التي باتت بالنسبة إليهم مطلبًا ملحًا. وكان المكتب السياسي، في اجتماعه الأخير، واصل مناقشة الدخول السياسي الجديد والوضعية السياسية وآفاق التحضير للمجلس الوطني، الذي من المنتظر أن يعقد قريبًا.