كما العادة وفي صمت يكاد يكون مألوفا مرت الذكرى السابعة عشرة لرحيل قيدوم المسيرين الكرويين المرحوم مصطفى بلهاشمي إلى دار البقاء ، وكأن هذا الشيخ الوقور من غير مدينة وجدة التي أنجبت أسماء وازنة أثثت المشهد الكروي على مدى مواسم عديدة، ولولا ما تقوم به جمعية فضاء المولودية ثقافة ورياضة من أنشطة هادفة في هذا الإطار تخليدا لهذه الذكرى ولغيرها من الأحداث الرياضية، لما استحضر "الكثيرون" تاريخ هذا الرجل الأسطوري الذي ظل شامخا لمدة تزيد عن أربعة عقود قدم خلالها بسخاء وشهامة ونكران ذات خدمات جليلة للكرة المغربية سواء داخل قلعة مولودية وجدة أو على صعيد عصبة الشرق باعتباره أول رئيس لها أو على صعيد الجامعة حيث تبوأ أعلى مراتب هرم مكتبها الجامعي، ذلك أن الراحل مصطفى بلهاشمي وهو من طينة نادرة، وعلى الرغم من كل أشكال فقر زمان فقد ضحى بكل ما يملك، بصحته وراحته وماله بل وحتى بمستقبل أبنائه من أجل فريق كان هو بيته وعائلته وملاذه أفراحا وأحزانا، وكان بذلك رمزا كرويا بكل ما تحمله الكلمة من معنى مدبرا ومسيرا لفريق تغنى به الصغار والكبار على حد سواء، كان هذا أيام زمان يوم كان لاعبوه ومسيروه ومحبوه نجوما مضيئة في سماء الكرة في هذه الربوع الطيبة، وكثيرة هي الأسماء التي رصعت عقد فضائه الرحب لعبا وأداء وسلوكا وتسييرا وإخلاصا وحبا في لونيه الزاهيين الأبيض والأخضر، وشتان بين مولودية أمس ومولودية اليوم، وإن كان لكل زمان رجاله ومريدوه وصناع تواريخه صعودا وهبوطا. هكذا تتوالى الأحداث والذكريات وفريق مولودية وجدة يعيش وضعية مقلقة جراء حصاده الباهت والذي رمى به مكرها نحو تذيل الترتيب الكروي في قسمه الأول، وهي وضعية باتت مألوفة لدى الجماهير المسكونة بالكرة في مدينة وجدة (كان الله في عونها) في وقت تتناسل فيه للأسف الشديد البيانات والتصريحات الموقعة وغير الموقعة، إذ كل " طرف " يرمي باللائمة على غيره، وكل ينشر غسيل معارضيه ومخالفيه بالشكل الذي يعجبه وبوسائل قيل عنها إنها " لرد الاعتبار فقط ". لذكرى رحيل مصطفى بلهاشمي - تغمده الله بواسع رحمته - أكثر من دلالة ورمز وعبرة، كونها وقفة تأمل صادقة للمخلصين من أبناء هذا الفريق، وكثيرون هم إن هي اجتمعت كلمتهم وتوحدت رؤاهم وتكتلت جهودهم من أجل انتشال المولودية مما هي فيه من أوجاع وأسقام قبل أن تصاب - لا قدر الله - بالسكتة القلبية ووقتها لاينفع بكاء ولا ندم.