وافاني الأستاذ النقيب عبدالاله كنون مشكورا بنسخة من قرار ملخصه مثبت أعلاه ونظرا لأهميته الوطنية والقانونية والقضائية والمستجدات التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية وحيث أن أسباب النزول لمثل هذه الحالة ما زالت راهنيتها قائمة تستوجب التصدي لها بتبصر وحكمة، ارتأيت تعميما للفائدة والتذكير بهذا العمل القضائي الجيد، أن أعمل على إعادة نشره رغم أن مجلة «الندوة» التي كانت تصدرها هيئة المحامين بطنجة سبق لها أن نشرته منذ أكثر من 17 سنة خلت وأولته عناية خاصة بالتعليق عليه. وحبذا لو استمرت هذه المجلة ومثيلتها في أداء رسالتها بتزويد المهتمين بما جد في الميدانين القانوني والقضائي. وقبل إطلاع القراء على نص هذا القرار، أود أن أنوه مجددا بهيئة المحكمة التي أصدرته فمدلوله وصياغته القانونية تنم عن اعتزاز رجال القضاء المغربي بوطنيتهم الصادقة وبحسهم القانوني بإثبات حقيقة قانونية. وفي هذا الصدد لايسعني إلا أن أنعي وفاة رئيس هذه الهيئة الاستاذ محمد بن الحداد الذي التحق بالرفيق الأعلى في أوائل فبراير الحالي والترحم عليه وتقديم العزاء لأسرته. ولد محمد بن الحداد بتطوان سنة 1918 التحق بالمدرسة الأهلية حيث تشبع مند صباه بالقيم الوطنية ثم بثانوية إسبانية قبل أن يتابع دراسته العليا بالقاهرة ضمن بعثة الطريس سنة 1936 وقبل رجوعه إلى المغرب سنة 1944 ساهم بالتعريف بالقضية الوطنية من خلال تأليفه لكتاب «المسألة المراكشية» والتحق بهيئة التدريس بالمعهد الحر بتطوان وانخرط بعد استرجاع المغرب لاستقلاله من سلك القضاء فعين قاضيا بتطوان قبل أن يعين وكيلا للدولة بالناضور سنة 1961 وبعد ذلك التحق سنة 1964 بمحكمة الاستئناف بطنجة. بعد هذا الاستطراد أثبت نص القرار كما ورد في مجلة «الندوة» حكم عدد 686 عن المحكمة الاقليمية بطنجة سابقا بتاريخ: 1967/5/8 الملف عدد 66.169 باسم جلالة الملك المحكمة بعد الاطلاع على الوثائق المرفقة بالملف وبعد سماع تصريحات المتهم ودفاعه. وبعد سماع ملتمسات النيابة العامة والدفاع. وبعد المداولة طبقا للقانون. حيث يستفاد من وقائع القضية أنه بتاريخ 15 فبراير 1966 استأنف الأستاذ كنون الحكم الصادر من محكمة السدد بطنجة بتاريخ 15 فبراير 1966 والقاضي بإدانة المتهم بيريس الكانطرا بالحبس لمدة خمسة عشر يوما مع الصائر وابعاده من التراب المغربي من أجل الهجرة غير المشروعة. وحيث استمعت المحكمة إلى المتهم مصرحا بأن أسباب استئنافه ترجع لكونه نشأ بالمغرب، ورجع إلى المغرب بنية حسنة ولمزاولة مهنة تجارية وأنه قدم طلب اللجوء السياسي الذي لايزال تحت الدرس. وحيث أن محكمة السدد أسندت حكمها على كون المتهم دخل المغرب خفية وبدون جواز. وحيث اتضح لمحكمة الدرجة الثانية أن المتهم ولد بالمغرب وأثناء الاستقلال انتقل إلى سبتة ونظرا لارتباطه بالوطن الثاني الذي نشأ وترعرع فيه حبذ الرجوع إليه ليقوم بعمل تجاري. وحيث دخل المتهم الذي ولد بالمغرب عن طريق سبتة لايعد مخالفة لظهير الهجرة غير المشروعة خصوصا وأن مدينة سبتة لا يعتبرها المشرع المغربي مدينة أجنبية وبالتالي فالدخول منها إلى المغرب لشخص ولد بالمغرب لايعد مخالفة. وهذه الحالة أوجد لها المشرع المغربي تشريعا خاصا وهو الذي صدر أخيرا والذي أعفي من عقدة الشغل للأجانب المزدادين بالمغرب بأي تاريخ كان والذين يزاولون فيه نشاطا مهنيا. وحيث من جهة أخرى أن المتهم قد طالب اللجوء السياسي من الدوائر المختصة وهو لازال تحت الدرس ولم يتلق أي جواب بالرفض. وحيث أن المتهم منذ وجوده بمدينة طنجة وهو يقوم بعمل سياحي محمود لصالح تنمية السياحة بالمغرب. وحيث أن نصوص الظهير الشريف الصادر في 15 نونبر 1934 يخص سوى الأجانب الذين يهاجرون إلى المغرب من بلاد أجنبية. وحيث أن الانتقال من مدينة سبتة وهي مدينة مغربية رغم وضعيتها الحالية لا يعد مخالفا للظهير المذكور خصوصا وأن قرار وزير الشغل الصادر في 25 دجنبر 1965 والمعدل للفصول 19 و20 و21 من ظهير 1934/11/15 فقد أعفى الأجانب المزدادين بالمغرب والذين يزاولون نشاطا مهنيا من عقدة الشغل. وحيث كان يتعين على محكمة الدرجة الأولى تطبيق مقتضيات الظهير الصادر في 1952/8/9 لا العقوبة المنصوص عليها في ظهير 1935/11/15. وحيث يكون هذا الاغفال موجبا لبطلان الحكم الابتدائي. وحيث رأت المحكمة لجميع هذه الاعتبارات إلغاء الحكم الابتدائي القاضي بإبعاد المتهم من التراب المغربي لكونه لم يصادف الصواب ولم يعلل تعليلا كافيا كما سلفنا. وحيث رغم حذف عقوبة الابعاد إلا أن المتهم يكون قد ارتكب مخالفة الظهير الصادر في 52/8/9 الذي يتطلب الرخصة والجواز للدخول إلى المغرب. وبعد الاطلاع على الظهير الشريف الصادر في 1952/8/9. والفصول 288 و289 و405 و419 و676 و678 من قانون المسطرة الجنائية. من أجل ذلك حكمت المحكمة بنفس الهيئة المذكورة أدناه علنيا حضوريا ونهائيا وبعد المداولة قانونا. 1 - بقبول الاستئناف شكلا. 2 - وموضوعا: بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر بمؤاخذة المتهم بيريس الكانطرا بمقتضيات الفصل 13 من ظهير 1935/11/15 والحكم من جديد بمعاقبة المتهم المذكور بشهر واحد حبسا مؤجل التنفيذ مع غرامة قدرها (600) درهم تجبر في أدنى مدة عند العجز وإلغاء عقوبة الإبعاد. 3- تحمله المصاريف القانونية وقدرها (33) درهما تجبر في أدنى مدة عند العجز. تعليق يستحق الحكم الصادر عن المحكمة الاقليمية سابقا بطنجة والذي عملنا على نشره رغم أنه صدر منذ أزيد من 25 سنة، كل تنويه واكبار، فقد عبر القضاء المغربي بواسطته عن اعتزازه بمغربيته وعن وطنيته الصادقة، وذلك بالقول بأن سبتة مدينة مغربية، وهي رغم وضعيتها الحالية لاتنفصم عن المغرب ككل، ومن ثم فلا يمكن وصف الداخل منها إلى المغرب متهما بجنحة الدخول إلى المغرب خفية، وهي جنحة تتطلب عقوبة الابعاد فضلا عن الحبس. كما يؤكد هذا الحكم حقيقة قانونية أخرى، وهي الخلاف بين جنحة الدخول خفية إلى المغرب وهي المنصوص عليها في ظهير 1934/11/15 وبين مخالفة الدخول إلى المغرب دون جواز المنصوص عليها في الظهير 1952/8/9، ومن ثم جاء الحكم معاقبا على هذه الأخيرة دون الأولى ومستبعدا عقوبة الابعاد التي أمر بها الحكم الابتدائي. هيئة التحرير ولست أدري إن كان هذا القرار أصبح اجتهادا قضائيا متواترا أم ظل وحيدا حبيس ارشيف المحكمة لم يرق الى درجة الاجتهاد ومن المهم جدا ان يعمل من له إطلاع على مثل هذه القرارات أو الأحكام على إغناء الموضوع بمعلوماته.