وقبل تناول موضوع هذه الحلقة الذي خصصته لمسطرة عرض القضايا مراعاة لأنواعها على المجالس الجهوية للحسابات تجدر الإشارة إلى تعليق قيم من طرف الدكتور العربي مياد تحت عنوان:( مسطرة تسليم المهام بين رؤساء المجالس الجماعية بين الواقع والقانون) المنشور بجريدة (العلم) بالعدد 21330 ليوم الأربعاء 15 /04/2009 أكد فيه على عدم مشاطرتنا الرأي في الدعوة لإيداع نسخة من محضر تسليم المهام وقوائم جرد ممتلكات الجماعة المنجزة بمناسبة تسلم وتسليم المهام بين الرئيسين القديم والجديد، لكن تبين من خلال خلاصات التعليق أن الباحث يناقش موضوعا آخر هو موضوع (توزيع المهام وتدبير شؤون الجماعة من طرف رئيسها) وهي صلاحيات تمتد على طول فترة ولايته، وذلك يأتي لاحقا بعد المرحلة التي تحدثث عنها التي لاتقع إلا مرتين اثنتين فقط بالنسبة لكل رئيس جماعة، الأولى عندما يتلقى ويتسلم المهام من الرئيس السابق، والثانية عندما ينقل ويسلم المهام للذي يليه، وفي الحالتين ينجز المحضر موضوع المناقشة باعتباره حلقة الوصل بين الولايتين، ومن هذه الحلقة الواصلة يكون منطلق المسؤولية التي لا يمكن ضبطها والتحكم في معطياتها وملابساتها بشكل موضوعي من طرف المجلس الجهوي للحسابات في غياب هذه الوثيقة الرسمية التي نرى أن تكون بين يديه مسبقا وقبل إثارة أية منازعة بشأن المراحل الموالية بشأن تدبير وتسيير مرافق المجلس الجماعي . قواعد المسطرة أساسية لتفعيل وتطبيق قواعد الموضوع : إن تفعيل وتنزيل قواعد القانون على وقائع محددة يستوجب وجود تقنين لقواعد مسطرية، إجرائية، منها ما هو تشريعي ومنها ما هو تنظيمي إداري، لذلك ارتأيت تخصيص هذه الحلقة السادسة من البحث حول موضوع ( المحاكم المالية بالمغرب) لتسليط الضوء على جوانب جوهرية من الإجراءات المسطرية لعرض القضايا على المجالس الجهوية للحسابات التى أرى تسميتها ب: ( المحاكم الجهوية للحسابات )، خصوصا في طريقة عرض القضايا عليها والمؤهلون قانونيا لذلك، مع ما سيلاحظ بهذا الخصوص من اختلاف حسب نوع القضية وموضوعها . مهام وكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات: تؤكد مقتضيات المادة 122 من قانون مدونة المحاكم المالية على أن وكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات على أنه يتولى القيام بمايلي : - ( - 1) يقوم بمهام النيابة العامة في المسائل القضائية المسند النظر فيها إلى المجلس الجهوي للحسابات ، ويمارس هذه المهام بايداع مستنتجات وملتمسات ... 2 يحيل إلى المجلس الجهوي للحسابات العمليات التي قد تشكل تسييرا بحكم الواقع. 3 يحضر جلسات هيئات المجلس الجهوي للحسابات ، وعندئذ يمكن أن يقدم ملاحظات جديدة... .- 4 - يلتمس من الرئيس فيما إذا وقع تأخير في الإدلاء بالحسابات، تطبيق الغرامة المنصوص عليها في المادة 29 من هذا القانون . 5 - إذا اكتشف أفعالا تدخل في اختصاصات المجلس الجهوي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أحال ذلك إلى المجلس الجهوي للحسابات طبقا لمقتضيات المادة 138 بعده.) وتنص المادة 132 من نفس القانون على حالات أخرى لإحالة القضايا من طرف وكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات على هذا المجلس من خلال التنصيص في مضمونها بتصرف توضيحي على مايلي : ( يحيل وكيل الملك إلى المجلس الجهوي للحسابات في حدود اختصاصاته العمليات التي قد تشكل تسييرا بحكم الواقع : 1 من تلقاء نفسه. 2 أو بطلب من وزير الداخلية، وذلك في حدود الإختصاصات المخولة له تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل. 3 أو بطلب من الوالي، وذلك في حدود الإختصاصات المخولة له تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل. 4 أو بطلب من العامل، وذلك في حدود الإختصاصات المخولة له تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل. 5 أو بطلب من الوزير المكلف بالمالية. 6 أو بطلب من الخازن بالجهة أو العمالة أو الإقليم . 7 أو بطلب من الممثل القانوني للجماعة المحلية. 8 أو بطلب من الهيئات التي تدخل مراقبتها ضمن اختصاصات المجلس الجهوي للحسابات -. 9 أو بطلب من المحاسبين العموميين، وإذا كان المشرع في الفقرة التي أشرنا إليها أعلاه تحت رقم 5 من المادة 122 استعمل صيغة( إذا اكتشف أفعالا..) فإن عملية الاكتشاف تستوجب البحث والتدقيق التلقائي الإستباقي ، بما يعني أو يستوجب التساؤل حول الصلاحيات والإمكانيات القانونية والمادية اللوجستيكية الموفرة لوكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات لتفعيل دوره لاكتشاف الأفعال التي تدخل في نطاق اختصاصات المجلس الجهوي في ميدان التاديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، ثم ألا يتطلب الأمر إحداث شرطة مالية متخصصة تحت إشرافه ؟ إنه واحد من الموضوعات التي أرى أن تكون محل دراسة من طرف المشرع لتقوية مجال تخصص و ترسيخ قواعد استقلال قضاء المحاكم المالية، باعتباره أحد دعائم ترسيخ قواعد الحكامة الجيدة المبنية على الشفافية والمساءلة عن طريق التدخل قبل تفاقم الأضرار، وهذا بالطبع لا يلغي ولا ينفي الدور الإيجابي الهام الذي تقوم به مختلف مصالح المفتشيات القائمة لدى مختلف الوزارات المعنية، ومنها بخصوص موضوعنا هذا المفتشية العامة بوزارة الداخلية، والمفتشية العامة بوزارة المالية، .لكن وجود جهاز شرطة مالية مستقلة تحت الإشراف والتوجيه المباشر لكل من وكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات والوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات سيشكل إضافة نوعية لتقوية دور هذه المحاكم في تفعيل السياسات التنموية الإستراتيجية للدولة . رفع (تحريك ) مسطرة التأديب القضائي المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أمام المجلس الجهوي للحسابات : إن المادة 122 أعلاه أحالت على المادة 138 من نفس القانون، علما أن تقنية الإحالات في قانون مدونة المحاكم المالية تم اعتمادها بشكل غير إيجابي في بعض الأحيان، وقد تخلق الصياغة بهذا الشكل نوعا من الإلتباس والغموض ، وذلك موضوع آخر يستحق المناقشة قد تظهر بعض ملامحه من خلال مطابقة مضامين المادة 122 و المادة 138 المحال عليها ، التي تنص على مايلي : ( يرفع القضية إلى المجلس الجهوي للحسابات وكيل الملك من تلقاء نفسه أو بطلب من الرئيس. _ ويؤهل كذلك لرفع القضية إلى المجلس الجهوي بواسطة وكيل الملك وبناء على تقارير الرقابة أو التفتيش مشفوعة بالوثائق المثبتة وزير الداخلية والوزير المكلف بالماليةً). ونرى أن المقصود ب( الرئيس )الواردة في الفقرة الأولى من المادة 138 من مدونة المحاكم المالية هو رئيس المجلس الجهوي للحسابات . كما يلاحظ في الفقرة الثانية من المادة 138 من مدونة المحاكم المالية حصر أهلية (صفة) طلب رفع وتحريك مسطرة التأديب القضائي المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أمام المجلس الجهوي للحسابات بواسطة وكيل الملك لدى المجلس الجهوي في كل من وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية (فقط) . هكذا يلاحظ دقة التمييز بين مضمون المادة 122 والمادة 138 وكذا مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 132 التي تنص على :( حق المجلس الجهوي للحسابات في التصدي للنظر بصفة مباشرة استنادا إلى الإثباتات المنجزة خاصة بمناسبة التدقيق في الحسابات). وهو تدقيق يمكن معه استحضار قواعد وقيود سلطة الملاءمة المخولة لوكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات في تحريك الدعوى المالية أمام المجلس الجهوي للحسابات، وهي قيود لها نظيرها في قواعد المسطرة الجنائية وصلاحيات وكيل الملك لدى المحاكم العادية .... وخلاصة القول بهذا الخصوص أن تحريك ورفع دعوى التأديب المالي أمام المجلس الجهوي للحسابات تتم حالات أساسية كمايلي : 1 من طرف وكيل الملك من تلقاء نفسه بناء على ما تجمع لديه من وثائق وقناعات حسب ما أشير إليه أعلاه . 2 بطلب من رئيس المجلس الجهوي للحسابات .. 3 من طرف وزير الداخلية بواسطة وكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات وبناء على تقارير الرقابة أو التفتيش مشفوعة بالوثائق المثبتة. 4 من طرف الوزير المكلف بالماليةً بواسطة وكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات وبناء على تقارير الرقابة أو التفتيش مشفوعة بالوثائق المثبتة. 5 ممارسة المجلس الجهوي للحسابات الحق في التصدي للنظر بصفة مباشرة استنادا إلى الإثباتات المنجزة خاصة بمناسبة التدقيق في الحسابات . طلب عرض الإجراءات المتعلقة بتنفيذ ميزانية جماعة محلية أو هيئة / صلاحيات خاصة لممثلي وزارة الداخلية : من بين الموضوعات المنظمة في واقعها وإجراءاتها وهي في نظري ذات طابع تقييمي أولي ، ما نصت عليه المادتان 142 و 153 من مدونة المحاكم المالية بخصوص طلب عرض الإجراءات المتعلقة بتنفيذ ميزانية جماعة محلية أو هيأة ً ونرى أوليا أن المقصود بعبارة (هيئة) الواردة بشكل مطلق في المادة 142 من مدونة المحاكم المالية هو ( الهيآت التي تضاف لهذه المجالس عند ذكرها في النص التشريعي ) .مع الإشارة إلى الحصر الوارد في هذه المادة بالتنصيص على مايلي : ً (يمكن لوزير الداخلية أو الوالي أو العامل في حدود الاختصاصات المخولة لهم تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، أن يعرض على أنظار المجلس الجهوي كل قضية تخص الإجراءات المتعلقة بتنفيذ ميزانية جماعة محلية أو هيئة). أما المادة 153 فتنص علي مايلي : ( يجوز لوزير الداخلية أو الوزير المكلف بالمالية أن يطلب من المجلس الجهوي إدراج دراسة قضية تتعلق بتسيير الأجهزة الخاضعة لرقابته في برنامجه السنوي المنصوص عليه في المادة 120 أعلاه._ ويوجه التقرير الذي يحرره المجلس الجهوي وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 151 أعلاه ، إلى الوزير المعني بالأمر). وهنا أيضا تبرز أهمية معرفة طبيعة ونوعية الإحالة على المجلس الجهوي للحسابات ، من طرف الوزير المعني هل تم ذلك في المتابعة من أجل التأديب المالي ؟ أم من أجل التدقيق في عمليات التسيير والتدبير الذي قد يؤول إلى المتابعة وفق مسطرتها المشار إليها أعلاه وطبقا للمادة 151 من نفس القانون ، وقد لا يتطلب الأمر فتح المتابعة من أجل التأديب المالي ؟ حالة عدم المصادقة على الحساب الإداري لجماعة محلية أو هيئة / الأطراف والمسطرة / علاقته بالطلب الإداري لدراسة جديدة-: تنص الفقرة الأولى من المادة 143 :من مدونة المحاكم المالية على مايلي : (إذا لم يصادق على الحساب الإداري لجماعة محلية أو هيئة من طرف المجلس التداولي المختص، وبصرف النظر عن المقتضيات المتعلقة بطلب دراسة جديدة، عرض وزير الداخلية أو الوالي أو العامل الحساب الإداري غير المصادق عليه على المجلس الجهوي للحسابات ، بصفة تلقائية أو بناء على طلب من الآمر بالصرف المعني أو من الطرف الرافض للحساب الإداري).ً تجدر الإشارة بخصوص طلب دراسة جديدة للحساب الإداري الذي تم رفضه من طرف المجلس الجماعي إلى مقتضيات الفصل الأول من الباب السادس تحت عنوان (الوصاية على أعمال المجلس الجماعي ) المواد 68 إلى 77 من قانون الميثاق الجماعي رقم 78.00 المنفذ بظهير شريف . بتاريخ 03 أكتوبر 2002 . مع مراعاة المقتضيات الجديدة التي ستدخل حيز التطبيق بعد الانتخابات الجماعية المقرر إجراؤها في 12/06/2009 . ************** هامش: - 1) نشرنا بجريدة (العلم )مقالات حول القضاء المالي بتاريخ 25 / 2 / 2009، و 4 و 18 و25 / 3 / 2009، إضافة إلى مقالين بتاريح 16 / 1 / 2005، و 2 / 2 / 2005 .