الأستاذ الملكي الحسين - المحامي بهيئة المحامين بالرباط www.elmilki.ma - [email protected] تناولنا في الحلقات الأربعة السابقة من هذا البحث جوانب من موضوع :( قضاء المحاكم المالية بالمغرب ) المحدث والمنظم بمقتضى قانون: مدونة المحاكم المالية، رقم62.99 المنفذ بظهير 13 /06/ 2002، وذلك بجريدة العلم بصفحة (المجتمع والقانون ) ليوم الأربعاء بالعدد 21289 بتاريخ 25/02/ 2009، و العدد21295 بتاريخ 04/03/2009، و العدد 21306 بتاريخ 18/03/2009، والعدد21312 بتاريخ25/03/2009، وقبل ذلك مقالان في العدد: 19961بتاريخ 16//01 2005 ، و العدد 19975 بتاريخ 02 /02/ 2005 . و سنسلط الضوء في هذه الحلقة الخامسة على أهم مرحلة محددة لمنطلق وأساس المسؤولية للمجالس الجماعية، وعلاقتها بسلطة الوصاية ( وزارة الداخلية ) التي يمثلها الولاة والعمال، وكلاهما تحت رقابة المجالس الجهوية للحسابات التي نرى أن تعدل تسميتها تشريعيا ب : ( المحاكم الجهوية للحسابات ) . المفهوم الواسع للجماعات المحلية : ينص الفصل 98 من الدستور المراجع و المنفذ بالظهير الشريف رقم في1 96 157 في 23 جمادى الأولى 1417، الموافق ل 07/10/1996) على مايلي : (تتولى مجالس جهوية للحسابات مراقبة حسابات الجماعات المحلية وهيئاتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها). وخصص المشرع الدستوري الباب الحادي عشر من الدستور ل :(الجماعات المحلية ) ، إذ نص في الفصل ( المادة) 100 منه على مايلي : (الجماعات المحلية بالمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية، ولا يمكن إحداث أي جماعة محلية أخرى إلا بقانون ) . ونص الفصل 101 منه على أنه : ( تنتخب الجماعات المحلية مجالس تتكلف بتدبير شؤونها تدبيرا ديمقراطيا طبق شروط يحددها القانون). وبخصوص مهام ومسؤوليات العمال في حسن تطبيق وتنفيذ القوانين بصفتهم يمثلون الدولة نص الفصل 102 من الدستور على مايلي : ( يمثل العمال الدولة في العمالات والأقاليم والجهات، ويسهرون على تنفيذ القوانين، وهم مسؤولون عن تطبيق قرارات الحكومة كما أنهم مسؤولون لهذه الغاية عن تدبير المصالح المحلية التابعة للإدارات المركزية ). محضر تسليم المهام ونقل الصلاحيات تحت إشراف ممثل السلطة / منطلق مراقبة المسؤولية : فور انتخاب المجالس الجماعية وهيكلتها هناك محطة جوهرية إجرائية للضبط لنقل وتسليم المهام، وحصر المسؤوليات، وتجرى بشكل رسمي يضمن إشراك عدة أطراف وأجهزة إدارية في إنجازها، كل حسب اختصاصاته وصلاحياته الوظيفية .. . وتتوج هذه المرحلة بإنجاز محضر قانوني رسمي، له شكليات دقيقة يتضمن الإشهاد على تسليم وتسلم المهام والاختصاصات بين الرئيس السابق للمجلس الجماعي وبين الرئيس الجديد، ويرفق هذا المحضر بقوائم ولوائح تتضمن جردا للموارد البشرية للجماعة وجردا لممتلكاتها من عقارات ومنقولات عموما وضعيتها وذمتها المالية ( دائنية ومديونية ) . الأمر الذي يجعل مراقبة المجالس الجهوية للحسابات لهذه المرحلة في إطار رقابة قبلية تلقائية من الأمور التي من شأنها حسن توجيه عمل المجالس المنتخبة، وتفادي استمرار أو تفاقم الاختلالات في التدبير والتسيير، ولضمان تصحيح المسارات و حسن استمرار المرفق العمومي بشكل مؤسساتي مع يستوجبه الأمر من مواجهة مختلف أساليب التستر، أو التوطؤ من أي طرف، أوجهة ولأية اعتبارات سلبية في إدارة وتدبير الشأن المحلي. كما أن إنجاز محضر تسليم المهام هذا والقوائم التفصيلية الملحقة به يجب أن تتسم بالصدقية وحماية مصداقيتها بتحصينها بمقتضيات زجرية صارمة وجزاءات وتعويضات مالية رادعة ، وذلك لكون الأمر يتعلق بوثيقة أو وثائق رسمية تهم الشأن العام ومصداقية تدبيره، وغير مقبول السكوت أو تجاوز هذه المرحلة الجوهرية وعدم ترتيب جزاءات صارمة بشأنها من طرف كل من سلطة الوصاية وزارة الداخلية والمجلس الجهوي للحسابات ، وكذا المجلس الأعلى للحسابات في إطار رقابته وإشرافه على عمل المجالس الجهوية للحسابات ، (وللإشارة فقد وقفنا على حالة لم يتم فيها احترام هذه المسطرة حسب تأكيد كل من الرئيس السابق والرئيس الجديد للمجلس الجماعي لبلدية اكلميم في جلسة قضائية علنية يوم 27 /03/ 2009 ، ملف معروض حاليا على غرفة الجنايات الابتدائية بأكادير، كان سببه عدم حرص الوالي ومصالح الولاية على تنفيذ القانون بهذا الخصوص وإقحام نفسه في متاهات محاباة أحد الأطراف المتنافسين انتخابيا ....ولنا عودة للقضية عندما يصدر القضاء حكمه فيها ) . مذكرة وزارية توجيهية حول كيفية إجراء عملية تسليم السلط على إثر انتخابات المجالس الجماعية : إن ضبط مرحلة تسليم وتسلم المهام تظل أساسية في نقل وتلقي المسؤولية بين الرئيس السابق والرئيس الجديد فإن سلطة الوصاية وزارة الداخلية تلح وتؤكد من خلال الدوريات والمناشير التنظيمية الصادرة عنها على كون إنجاز هذا المحضر هو إجراء ضروري وجوهري ، لذلك خصصنا هذه الحلقة من البحث لتسليط بعض الأضواء على واحدة من هذه الدوريات الوزارية الأساسية، ويتعلق الأمر ب : الدورية رقم : 175 م.ع.ج.م، الصادرة عن وزارة الداخلية بالرباط بتاريخ 3 شتنبر/2003 ، والموجهة إلى الولاة وعمال عمالات وأقاليم المملكة تحت عنوان : (مذكرة توجيهية حول كيفية إجراء عملية تسليم السلط على إثر انتخابات المجالس الجماعية لشتنبر 2003 ). وهذه الدورية/ المذكرة التوضيحية تحمل في مضامينها تعليمات دقيقة حول إعداد و تحضير وثائق تسليم وتسلم السلط والجهة الملزمة بذلك / مراعاة لما يتطلبه الأمر من ضمان سير المرفق العمومي خلال هذه الفترة الإنتقالية . ومن بين ما ورد في هذه المذكرة التوجيهية مايلي :(.... تشكل عملية تسليم السلط ما بين الرؤساء الحاليين ورؤساء المجالس الجدد إحدى أهم هذه المراحل. وعليه أرجو منكم إيلاء عناية خاصة لعملية تسليم السلط، سواء في مرحلة تهيئ الجرد الشامل، أو يوم إجراء مراسيمها، فهذه العملية لا تمثل مجرد إجراء شكلي يجب القيام به، بل هي محطة مهمة لتحديد مسؤوليات رؤساء المجالس الحاليين في تدبير وتسيير شؤون جماعتهم، فالمعطيات والبيانات المضمنة في القوائم المنبثقة عن عملية الجرد ينبغي أن تعكس صورة دقيقة لوضعية الجماعة، كنتيجة لتدبير الرئيس الحالي، كما أنها تعتبر بمثابة وثائق مرجعية يبن أيدي الرئيس الجديد، ليس فقط كأداة للتسيير اليومي بل كأرضية للتخطيط الاستراتيجي أيضا . وعلى هذا الأساس، أطلب منكم ( وهي تعليمات موجهة من وزير الداخلية الى السادة العمال والولاة ) السهر على أن تقوم المجموعات الحضرية والجماعات الحضرية والقروية التابعة لنفوذكم بتهيئ قوائم المعطيات والبيانات بشكل كامل ودقيق تشمل على الخصوص المجالات التالية : الموارد البشرية ، الموارد المالية ، الأملاك العقارية ، الأدوات والمعدات ، العربات والآليات الإلتزامات والإتفاقيات والعقود المختلفة ، المنازعات القضائية ،وثائق الحالة المدنية» . وتؤكد المذكرة الوزارية في ختامها على مايلي: ( ... وفي الأخير واعتبارا لكون نجاح عملية تسليم السلط يشكل نقطة انطلاق عمل المجالس الجماعية حتى تضطلع بالدورالمنوط بها تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش لهذه السنة والرامية إلى ... رفع تحديات التنمية بمشاريع حيوية ، لا تقبل التردد ولا الانتظار ... وطبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل ، أهيب بكم السهر شخصيا ( وهي تعليمات موجهة من وزير الداخلية إلى السادة العمال والولاة ) على التنفيذ الدقيق لمحتويات هذا المنشور حتى تمر هذه العملية في أحسن الظروف الممكنة وتحقق النجاح والأهداف المنتظرة منها ...). ( ....وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن توقيع المحاضر والوثائق الملحقة بها بين الرئيس الجديد من جهة ... وكل رئيس من رؤساء الجماعات الحضرية من جهة أخرى يجب أن يتم تحت إشرافكم المباشر بمناسبة الحفل الرسمي لعملية تسليم السلط ). (.... إن التنفيذ الدقيق لمجمل التوجيهات الواردة أعلاه ، لمن شأنه ضمان استمرارية السير العادي للمرافق العمومية المحلية بانتظام واضطراد ). (ومن أجل تحقيق الأهداف المتوخاة من عملية تسليم السلط فان جميع المحاضر والوثائق الملحقة بها يجب أن تكون جاهزة للتوقيع عند انتخاب رؤساء المجالس الجديدة، كما يتعين إرسال نسختين من هذه الوثائق والمحاضر بعد توقيعها إلى المديرية العامة للجماعات المحلية ، وذلك في أجل أقصاه أسبوع واحد بعد انتخاب الرؤساء الجدد) . وإذا كانت الدورية الوزارية أعلاه ذات أهمية قصوى في عمليات حسن إدارة الشأن المحلي واستمراره المؤسساتي، فإن مقتضياتها لتكون ملزمة حقيقة، نرى التنصيص عليها صراحة ضمن مواد قانون الميثاق الجماعي مع التنصيص كذلك على جزاءات صارمة على عدم احترام ذلك، كما أن التفعيل الإيجابي وتقوية دور المجالس الجهوية للحسابات في الرقابة على تدبير المجالس الجماعية و تحديد مسؤوليات كل من رؤسائها السابقين واللاحقين وكذا الولاة والعمال، يستوجب التنصيص تشريعيا على إيداع نسخة من المحضر المنجز بشأن تسليم و تسلم المهام والقوائم التي تلحق به لدي كتابة المجالس الجهوية للحسابات، قصد إخضاعها للإطلاع الأولي وإصدار قرار بالإطلاع، مع حفظ محاضر كل جماعة أو بلدية بانتظام لتسهيل عملية المراقبة القبلية والبعدية بشأنها، وبالتالي عمليات التقييم لمسارها في إدارة الشأن المحلي بما يتطلبه الأمر من إجراء المراقبة كذلك على قيام الولاة والعمال بدورهم في حسن تنفيذ القانون ولضمان حسن تطبيق قواعد المسؤولية بكامل العدل و الإنصاف وبمنطق ( لاتزر وازرة وزر أخرى ...)