يعرض حاليا ببعض القاعات السينمائية ببلادنا الفيلم الأمريكي "بين هور" الذي أنجزه المخرج و المنتج و السيناريست الروسي الكازاخستاني تيمور بيكمامبيتوف و شارك في بطولته الممثل البريطاني جاك هوستون في دور اليهودي "جودا بين هور"و الممثل البريطاني طوبي كيبيل في دور أخيه بالتبني "ميسيلا" المسيحي، و شارك فيه أيضا الممثل الأمريكي المقتدر مورغان فريمان في دور الشيخ الحكيم "يادرين". تدور أحداث هذا الفيلم بالقدس في عهد الرومان الذين كانوا يحتلون الأرض و كان "جودا " يسعى لإخراجهم منها ، و كانت العلاقة طيبة في البداية بين الأخوين "جودا" و "ميسالا" بعد وفاة والدهم ، علاقة مغمورة بالبسط و التعاون و التآزر و المحبة و المنافسة ، و لكن "ميسيلا" بدأ يشعر بأن هذه العلاقة لم تعد كما كانت من قبل، فقرر مغادرة المنزل و الذهاب للمشاركة في الحرب مع الرومان بألمانيا، و أصبح من ضمن قادة الجيش الروماني إلى جانب قائدهم الكبير "بيلوط". خلال غياب "ميسالا" تزوج "جودا" بالخادمة العبدة "إيستير" (الممثلة البريطانية الإيرانية نازانين بونيادي) بعدما أغرم بها و صار يعيش مع أمه "ناوومي" (الممثلة الإسرائيلية آييليت زورير) و أخته "تيرزا" (الممثلة صوفيا بلاك دي إيليا ) التي كانت تربطها علاقة غرامية مع "ميسالا" قبل رحيله إلى الجيش الروماني. قرر "جودا" أثناء غياب أخيه يهيئ جيشه لمقاومة قوم " المتعصبين" العدو الذي يهدد أمنهم و لا يكف عن الاعتداء عليهم. بعد مرور ثلاث سنوات عاد "ميسالا" إلى القدس و لأسرته ، فاقترح على أخيه "جودا" أن يسمح للجيش الروماني الذي يكرهه هذا الأخير أن يمر من مدينة القدس لبعض الوقت بقيادة القبطان "بيلوط"، و طلب منه و ترجاه بإلحاح شديد أن يقبل ذلك و أن لا يهاجمه أو يعتدي عليه . بعد أخذ و رد و تردد كبير قبل "جودا" بصعوبة كبيرة طلب أخيه ، و سمح لعدد كبير من الجنود الرومانيين بالمرور من مدينة القدس ، و أثناء مرورهم قام أحد المقربين من "جودا" "ديسماس " (الممثل الأمريكي موسى أرياس) و دون علمه و دون أمر منه بإطلاق رمح على قائد الجيش الروماني "بيلوط" محاولا قتله، غير أنه لم يتمكن من قتله فقامت الفوضى وسط مدينة القدس و تم اعتقال "جودا" و أسرته و اتهامه من طرف أخيه "ميسالا" بالخيانة و عدم الوفاء بالعهد. قلق "جودا" كثيرا على الشخص الذي حاول قتل "بيلوط" دون أمر منه ، و لكنه لم يتملص من هذه التهمة رغم كونه كان بريئا، و لكنه اختار أن يعترف لأخيه "ميسالا" الغاضب عليه جدا بأنه هو الذي حاول قتل "بيلوط" ، فتم إدخاله السجن مع الأشغال الشاقة و تهديد أسرته بالقتل. بعد قضاء خمسة أعوام من المعاناة في السجن التقى خلالها بالمسيح الذي تعاطف معه و نشأت بينهما علاقة طيبة ، و تم إشراكه في حرب بحرية شرسة ضد المتمردين اليونانيين غرقت فيها السفينة التي كان يوجد على مثنها و رمى به البحر على شاطئ هادئ ليجد نفسه وسط قوم آخر يرأسه الشيخ الحكيم "يادرين" (موغان فريمان). حكى له "جودا" عن ما جرى له مع أخيه ، فتعاطف معه و أصبح يعيله و يقدره بعدما لاحظ أن يجيد التعامل مع الفرس و ركوبه ، فعلمه تقنيات السباق بالعربة التي تجرها خمسة خيول ، و طلب منه أن يرافقه إلى مدينة القدس حيث التقى هناك "جودا" بكيفية سرية بأفراد أسرته. اقترح الشيخ "يادرين" على "ميسالا" أن يتنافس "مع أخيه "جودا" في السباق و أن يكون الحكم و السلطة للمنتصر فيه، و كان "ميسالا" يعتقد أن أخاه مات غرقا في الحرب ضد اليونانيين ، وقبل بعد أخذ و رد أن يخوض هذا السباق للتخلص نهائيا من أخيه . كانت المبارزة بينهما شديدة و حادة جدا انتهت بانتصار "جودا" و فقد فيها أخوه "ميسالا" إحدى رجليه معترفا بالهزيمة، و لكن "جودا" كان نبيلا و قبل التصالح و التسامح بين الطرفين و عادت المياه إلى مجاريها بينهما بعد عدة مآسي كان من بينها تصليب و قتل المسيح على يد الرومانيين أمام أنظار "جودا" الذي منعوه من مساعدته و إسعافه. أخذ هذا الفيلم "بين هور" عن الرواية القديمة التي تحمل نفس العنوان و هو الفيلم الخامس المأخوذ عنها منذ بداية القرن العشرين من بينها فيلم بالرسوم المتحركة، و رابعها الفيلم الرائع الذي أخرجه وليام وايلير سنة 1959 و الذي قام ببطولته الممثل الرائع شارلتون هيستون و الذي كان أقوى و أكثر من هذا الفيلم الجديد الذي فشل تجاريا و فنيا و تعرض لانتقادات كثيرة. الفيلم ضخم و فرجوي ، و هو من نوع أفلام الحركة و المغامرات و البيبلوم و التاريخ بفضاءاته و ملابسه و أكسسواراته و و زمنه ، و هو ليس تحفة سينمائية بل مجرد تسلية خفيفة بالرغم من الصراعات و العنف و الأحداث المأساوية التي يتضمنها. تتوالى تطوراته بإيقاع بطيء نسبيا بسبب التمطيط ، و لم تنفع فيه المؤثرات الرقمية الخاصة و الحديثة في إبهار و تحريك و استفزاز عواطف المشاهد بسبب هشاشة البناء الدرامي. يجمع هذا الفيلم بين الدين و التنافس و الصراع على السلطة، و هم بذلك سيذكر المشاهدين بفيلمي "غلادياتور" و "آلام المسيح"، و قد تم الاهتمام فيه أكثر بالكيفية التي تتطور و تتغير بها الشخصيتان الرئيسيتان، إذ يبدو الأخ الأصغر "ميسالا" في البداية طيبا و لطيفا و حنونا قبل أن يتحول إلى شخص شرير و عنيف عكس ما هو عليه الأمر بالنسبة لأخيه "جودا" الذي يبدو في البداية قويا و شهما قبل أن يتحول إلى شخص مقهور و معذب إلى حدود النهاية التي يتم فيها التصالح بينهما و يعودا أخوين و صديقين كما كانا في بداية الفيلم.