في خطوة تصعيدية مدروسة تتزامن مع تعيين مبعوث أممي جديد مكلف بملف الصحراء المغربية و تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد ، صادق ما يسمى بالمجلس الوطني لجمهورية الوهم بتندوف على قانون يعلن بموجبه مجلس المرتزقة بتحديد المنطقة الاقتصادية الخاصة والمناطق البحرية للجمهورية الصحراوية المزعومة تمتد على مسافة 200 ميل بحري ( 370 كيلومتر) عن السواحل البحرية الوهمية التابعة لسيادة جمهورية لا تمارس فعليا إلا على عشرات السكان العزل المحتجزين بمخيمات العار بتندوف و تتلقى التعليمات و الأوامر عبر ضباط المخابرات العسكرية الجزائرية . و تنضاف مغامرة قادة مرتزقة البوليساريو السياسية الجديدة الى سلسلة من ردود الفعل العنيفة و المتشنجة التي اعتاد قادة الجبهة إطلاقها بلهجات التهديد و التلويح ، كلما لاحت في الأفق بوادر تحرك أممي و دولي لتحريك مسار المفاوضات الثنائية بين المغرب و البوليساريو لايجاد حل سياسي مقبول و دائم لملف الصحراء . فبعد فشل الجبهة و المطبلين لمعاركها الدونكيشوتية في تحقيق مكاسب ديبلوماسية بعد انكشاف تآكل شعاراتها التحررية و انفضاح صفقاتها المشبوهة تحت غطاء التسول الانساني , بادرت هذه الأخيرة بتخطيط مسبق من طرف الأوصياء الحقيقيين على ملف الجمهورية الوهمية المتخفين وراء مختلف الرتب العسكرية الجزائرية الى محاولة تحويل أرض المعركة الخاسرة ميدانيا الى عمق التراب المغربي عبر تحريك القلاقل و الاضطرابات المفبركة و مسرحيات الشعارات المطالبة بالاستقلال ، على أن تفطن فعاليات الجبهة المغربية الداخلية المتراصة و المتمسكة بالوحدة الترابية غير القابلة للتجزيء للمغرب ، فوت على مرتزقة البوليزاريو و أولياء نعمتهم فرصة زعزعة الجبهة المغربية مما دفع أعداء المصلحة المغربية الى البحث عن قنوات جديدة لتسويق شعارات و مواقف جوفاء لا تسمن و لا تغني من جوع بقدر ما تسهم في خلط أوراق الملف مجددا أملا في الإلتفاف حول أي مسعى أو حل سياسي للنزاع من شأنه تشريد قادة البوليزاريو و إغلاق موارد الامتيازات التي ظلوا يحصدونها كريع مسترسل متأتي عن تبني مبادئ مزيفة . و بقدر ما كشفت التجارب و الأحداث المسجلة خلال السنوات الماضية تفاصيل مخزية من بروتوكولات وخفايا الزواج الكاثوليكي المصلحي القائم بين نظام الجزائر و جبهة المرتزقة ، بعد إقدام الحكومة المغربية على خلخلة و تعرية الوجه الحقيقي لهذا التحالف من خلال مبادرتها الثنائية الأبعاد و المتمثلة في طرح مبادرة الحكم الذاتي من جهة كحل وسط قابل للتفاوض و التطبيق و فصله عن العلاقات الثنائية بين المغرب و الجزائر ، و دعوة هذه الأخيرة الى الاسراع بفتح الحدود المغلقة و المضي قدما و بدون تلكؤ أو تأخير في تشييد و تثبيت عرى القطب المغاربي الموحد و هو المطلب الذي ما فتئ الرئيس الجزائري ينادي به ,و لم يكن مفاجئا تنصل بوتفليقة ووزرائه من هذا الالتزام و مناداتهم جهارا ودون خجل بأن مصير الاتحاد المغاربي و تسوية العلاقات الثنائية بين الشعبين الشقيقين مرتبط و متوقف على تسوية ملف الصحراء أو بالأحرى تمكين شعب وهمي من ا ستقلاله . وواقع الأمر أن الجزائر التي لا يهمها في شيء مصير شعب محتجز تمارس عليه فوق ترابها كل أشكال الرقابة والوصاية و الاستعباد الممكنة ، والحقيقة التاريخية تكشف أن نفس النظام الذي يقدم نفسه كمدعم لحركة تحررية هو نفسه من حاول باسم نفس القضية مقايضة المغرب سواء بخيارات تقسيم منطقة النزاع بما يضمن أن يرث من وراء التسوية المخزية التي رفضها المغرب جملة و تفصيلا منفذا سالكا للمحيط . و نفس النظام الذي يرفع شعارات مناصرة القضايا التحررية هو الساكت الأخرس بسبق إصرار عن حق إقليم كوسوفو في إعلان الاستقلال و التحرر عن القبضة الصربية , وهو يمثل نفس الديبلوماسية التي لا تعترف بحق شعوب أخرى بالمدار الصيني أو السوفياتي السابق في تقرير المصير . إن لعبة المصالح و التناقضات التي تمارسها من وراء الستار حكومة الأوراسي و التي تبلغ وقاحتها و صفاقتها حد التعرض الهجين لمبادرة اليد الممدودة لملك المغرب ، و لا تتوانى في إطلاق أنياب صحفها المأجورة للنهش في المصالح المغربية الى حدود الافتقار الى واجب اللباقة والاحترام المفروضة في حق ثوابت الأمة المغربية و مؤسساتها الدستورية . حتى يبلغ الأمر بوكالتها الرسمية الى استقبال خبر تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد بتعليق مغلف بعنوان يدعو الوافد الجديد الى البيت الأبيض بوضع ملف تقرير المصير ضمن أولوياته ، تظل في آخر المطاف شعارات جوفاء تنضح حساباتها بمساعي الهيمنة و الضغط التي تبرر سلوك الأشقاء في قمة الهرم السلطوي بالعاصمة الجزائرية . إنه سلوك مؤسف لن يثني المغرب عن التزاماته تجاه واجب الانتماء و المصير المشترك مع القوى الحية و الارادات الحسنة بقاعدة المجتمع الجزائري المغلوب على أمره من "الاختيارات الثورية الجوفاء " و الحمقاء ، و بنفس الارادة و النية لن ينتظر المغاربة أن تستقيم بصيرة الجيران لأن ما ينتظرهم من تحديات و أوراش لا يمكن أن تظل ترهنهم الى ما لا نهاية بتقلبات مزاج متهور .