تؤكد مصادر من الحزب الحاكم في الجزائر، أن يكون عمر عمار سعداني، رأس هرم جبهة التحرير الوطني الحزب الحاكم، قد بلغ أيامه الأخيرة، وأن خيار الاستغناء عن الرجل قد حسم، بعد استنفاد الأجندة التي استقدم لأجلها في أغسطس 2013، حيث تم توظيفه في تمرير العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، ثم كسر التابو السياسي لجهاز الاستخبارات والهجوم على ضباطه وقيادييه. في هذا السياق، قال الناشط في الجناح الداعم للأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، ورئيس ما يعرف ب"لجنة الوفاء" حكيم ستوان، إن "المعارضين استقبلوا المبادرة بارتياح كبير، ويطمحون إلى توسيعها وتثمينها إلى كل المجاهدين من خارج الحزب ومن داخله، لأن جبهة التحرير الوطني صارت في خطر، بسبب الانحراف عن خطها ونهجها ورسالتها منذ هيمنة القيادة الحالية عليها". وأضاف "صحيح أن المبادرة جاءت متأخرة، لكن تأتي متأخرة خير من ألا تصل تماما، وأن صحوة تحرك كل الغيورين على الحزب من خارجه وداخله لتطهيره من قيادة عمار سعداني، وأملنا كبير في أن يتحرك باقي المجاهدين لإنقاذ جبهة التحرير من مسار الانحراف". وتابع "القيادة السياسية للبلاد اقتنعت بتنحية سعداني من هرم الحزب، وأقرب السيناريوهات هو إبطال شرعية المؤتمر العاشر، فهناك شكاوى مودعة لدى القضاء لإبطال شرعيته، فالمؤتمر لم يحصل على المطابقة القانونية من قبل وزارة الداخلية، رغم مرور أكثر من عام على انعقاده، وحتى قائمة أعضاء اللجنة المركزية لم تنشر إلى حد الآن". وأكد المتحدث في تصريحات إعلامية، أن "سعداني يعد أيامه الأخيرة في الحزب، وجبهة التحرير الوطني لن تذهب إلى الانتخابات القادمة بهذه القيادة، وستنبثق قيادة جديدة عبر مؤتمر يمتثل لإرادة الصندوق، وستتم إعادة الحزب إلى أبنائه الحقيقيين ومناضليه، قبل خوض المعترك الانتخابي". وجاءت رسالة المجاهدين (قدماء محاربي ثورة التحرير)، الداعية إلى الإطاحة بعمار سعداني، لتزيد من متاعب الرجل، رغم أن الغموض لا يزال يكتنف أبعاد وخلفيات الرسالة، وهوية أصحابها المحسوبين على المناوئين للرئيس بوتفليقة، إلا أن المعارضين لسعداني رحبوا بها ودعوا إلى تثمينها وتوسيعها، بما أن المجاهدين هم صناع جبهة التحرير التاريخية، التي انبثق منها الحزب. ولم تستبعد بعض المصادر، إمكانية وقوف المدير السابق لجهاز الاستخبارات المنحل الجنرال توفيق وراء المبادرة، وأن المجموعة يحركها جناح مناوئ لشقيق رئيس الجمهورية، وقد تكون جولة من جولات الصراع بين جناح سعداني، وفلول جهاز الاستخبارات في الدولة العميقة وفي أولى ردود الفعل من قيادة جبهة التحرير الوطني، جدد المكتب السياسي دعمه لأمينه العام عمار سعداني ضد المناوئين له، حيث طالب في بيان له "جميع المناضلين بالوقوف صفا واحدا وراء قيادتهم الشرعية المنبثقة عن المؤتمر العاشر للحزب ضد أبواق لا تمت بصلة لحزب جبهة التحرير وقيمه ومبادئه ومناضليه، من خلال مواقف وتصريحات في بعض وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي"، في إشارة إلى مبادرة مجموعة المجاهدين ال14. واتهم البيان ضمنيا "جهات من خارج الحزب تخطط في السر والعلن للإطاحة بعمار سعداني" في إشارة إلى أصحاب المبادرة وللمدير السابق لجهاز الاستخبارات المنحل الجنرال توفيق. وكانت مجموعة تتشكل من 14 مجاهدا ومجاهدة ومن قياديين في ثورة التحرير، على غرار ياسف سعدي، وزهرة ظريف بيطاط، وعبد الرحمن مزيا شريف، قد دعت إلى "تحرير الحزب من سطوة عصابات المال". وعبرت عن استنكارها ل"استحواذ عمار سعداني وثلة من رجال الأعمال المشكوك فيهم على اسم جبهة التحرير الوطني رمز ثورة نوفمبر، لأغراض شخصية"، وأن الحزب صار رهينة "شرذمة من الانتهازيين والمغامرين جعلوا منه تجارة مربحة، ضاربين عرض الحائط بالنص المؤسس لهذا الكيان السياسي الذي تمخض عن عملية طويلة وشاقة، اجتهد في سبيلها رجال ونساء جعلوا من الكفاح من أجل التحرير قضيتهم السامية، مضحين بحياتهم من أجل تستقل الجزائر بعد أن دفعوا ضريبة الدم لبلوغ ذلك الهدف النبيل".