ازدهرت أنشطة النادي السينمائي ببني ملال في فترة السبعينيات، وهي الفترة التي عرفت ولادة وبزوغ مختلف الحركات السينمائية بباقي المدن المغربية،توتوجت حينها بتأسيس الجمعية الوطنية للأندية السينمائية سنة 1973 التي أجمع المهتمون بالشأن السينمائي المغربي على كونها الإطار الثقافي الجمعوي العريق في تاريخ السينما المغربية. وخلال ثمانينات القرن الماضي، شهدت الجمعيةت توهجا لا مثيل له حيث ارتفع عدد منخرطيها بشكل خيالي ليتجاوز عدد المنخرطين في حزب سياسي آنذاك حسب تصريحات بعض المختصين، كما أصبحتت فضاء لتفريغ الشحنة النضالية للشباب حتى كاد النقاش الإيديولوجي فيها يغلب على الطابع الإبداعي والفني، وانصب عشاقها على تحليل وتأويل رمزية الأشياء، لكن سرعان ما تبددت تلك الأفكارت في سياق المناداة بأن السينما إبداع واحتفاء بالجمال والمكان وتجاوز للواقع إلى عوالم خيالية تأثر في الإنسان وتمكنه من أن يحلم بدل أن تكون مجرد رسالة فقط. اأيام عين أسردون للسينما المغربية ا هي أول تظاهرة سينمائية تفتقت في مدينة بني ملال صيف 2009 وهي من تنظيم المرحوم عمر مديحي، بعدها تمكنت جمعية افن أيقونات للنهوض بالثقافة البصرية بجهة تادلة ازيلالب من تنظيم ثلاث دورات للفيلم السينمائي القصير بشراكة مع المديرية الجهوية للثقافة خلال سنوات 2011 و2012 و2013، لكن فعالية التظاهرة ظلت محدودة لكونها اكتفت بعرض أفلام دون خلق جو من المنافسة والمسابقة أو جلب لنجوم الشاشة المغربية أو العربية... بيد أن غيرة وعشق مبدعي الجهة عامة وبني ملال خاصة، لهذا الفن دفعهم إلى التفكير بشكل جدي في خلق تظاهرة سنوية مميزة ذات تصورات جديدة تمكن من تقريب الإبداع والفن إلى ساكنة حرمها غياب القاعات السينمائية ، وتحول بعضها إلى بنايات اسمنتية ومتاجر كبرى، من مشاهدة وتذوق عوالم الفن السابع. مولود جديد كبر بسرعة رغم تأخر المهتمين بالشأن الثقافي في المدينة في إخراج وتحقيق تظاهرات سينمائية كبرى لها بصمتها في الساحة الوطنية والعربية والدولية، نجح مهرجان السينما والنقد منذ دورته الأولى في شد أنظار الجمهور وجميع الفعاليات الثقافية والفنية داخل أرض الوطن وخارجه. تالنقد اماشي خضرة فوق طعامب هكذا علقت أمينة الصيباري، مديرة المهرجان وصاحبة فكرة إعداده، بعدما وجهت إليها ابالعلمب، سؤالا بخصوص اهتمامها بالنقد ودور الناقد في العملية الإبداعية في مهرجان ناشئ، لترد افكرت في فئة قلما ينتبه إليها أحد في هذا الميدان رغم أن لها دورا كبيرا في تفكيك وتحليل وتسويق وتطوير الإبداعب، مواصلة احينما نعتقد أن فئة النقاد تتحامل على عمل سينمائي ما، فهي تخلق له فرصا للشهرة وترفع من عدد مشاهديه وتكون محفزا لكي يتفاعل معه الجمهور ويرى إلى أي حد وجهة نظر الناقد صحيحة أم خاطئة..ب، وأضافت االإبداع لوحده لا يمكن أن يواصل مسيرته كيفما كان نوعه رسما أو رواية... الإبداع يتطور بالترسانة النقدية المواكبة لهب.ت ومن أجل كسب هذا الرهان، عمل المنظمون على تخصيص مسابقة للأفلام السينمائية المترشحة ومسابقة للمقال النقدي باللغتين العربية والفرنسية إلى جانب تنظيم ورشات ولقاءات ومحاضرات لفائدة الطلبة في الكتابة السينمائية والسيناريو والتوظيب والنقد وفن الصورة، يؤطرها باحثون أكاديميون ونقاد ومخرجون لتشجيع الشباب على الانخراط في العمل السينمائي والفني بشكل عام. تويظل امهرجان السينما والنقدب التظاهرة السينمائية الوحيدة في المدينة التي تراهن على التعريف بالجهة وبخصوصياتها وجماليتها من خلال تنظيم خرجات لفائدة ضيوف المهرجان من مخرجين وسينمائين وممثلين لاكتشاف ما تزخر به المنطقة من مناظر خلابة وأماكن ساحرة ومتنوعة تجمع السهل والهضبة والجبل، من أجل خلق فرص لها واستثمارها كأماكن للتصوير وجعل السينما قاطرة للتنمية والتقدم نحو الأفضل، وهو ما ثبت مؤخرا بعد تسجيل ارتفاع كبير في عدد السياح الوافدين على المنتزه السياحي ابين الويدانب حينما بثت القناة الثانية سلسلة الوبيرج ا لمخرجها ادريس الروخ شهر رمضان الماضي. ووعيا بالغاية نفسها سهرت جمعية افن ايقوناتب المحتضنة لهذه التظاهرة على تنظيم ندوتين محورتين، حملت الأولى االسينما كفضاء للتعدد الثقافيب والثانية الا تنمية بدون ثقافةب خلال الموسمين السابقين للتأسيس لفعل الاهتمام بالسينما كفن راقٍ تتقاطع فيه كل الفنون من مسرح وتشكيل وأداء وتصوير، وتلتقي فيه الثقافات بالعلوم والتقنية.تت كما أن المهرجان لم يكتفي بالانفتاح على المحيط المحلي فقط بل حاول اكتشاف خبايا الفن السابع في سياقات متعددة وبتصورات مختلفة، حيث استضاف كل من السينما التونسية والمصرية في دورات مختلفة ما مكن الجمهور من التعرف على كبار فنانيها ونقادها أمثال الممثلة المصرية اتسير فهميب والمخرح التونسي اوسيم قربيب والناقد السينمائي المعروف اوليد سيفب.تتتتتت غياب قاعة سينمائية يربك حسابات المنظمين تزامن انطلاق أول دورة لمهرجان السينما والنقد مع تدشين دار الثقافة من طرف جلالة الملك محمد السادس نصره الله سنة 2014، وهي البادرة التي استحسنتها إدارة المهرجان بعدما عجزت عن إيجاد قاعة سينمائية أو مكان مجهز لعرض الأفلام في مختلف أرجاء مدينة بني ملال. لتوضح مديرة المهرجان وتقولب بعدما تعذر علينا إيجاد قاعة سينمائية كمكان حقيقي لعرض الأفلام، استطعنا أن نوفر للجمهور الحد الأدنى لهيبة الفرجة السينمائية مادامت قاعة المركب الثقافي هي مسرح بالأساس بشاشة غير احترافيةب. توأضافت أن السينما مكلفة من الناحية التقنية لما تتطلبه من قاعة مظلمة وشاشة احترافية وترسانة تقنية، معتبرةب أن المهم ليس هو المشاهدة فقط بل سحر السينما هو في الفرجة الجماعية والشاشة الكبيرةت التي تحملك إلى عوالم فوقية خارجة عن المألوف وتجعلك تعيش طقوسا لا يستطيع أن يحققها لك أي مكان آخرب. ت إيجاد هذه العوالم يبقى بالنسبة لعشاق الفن السابع القاطنين بالمدينة والنواحي صعب المنال بل من رابع المستحيلات، ما دامت آخر قاعة سينمائية أغلقت أبوابها سنة 2001. وإذا رغب أحدهم في ذلك فعليه أن يتنقل إلى الدارالبيضاء أو مراكش أو الرباط أو غيرها من المدن التي لازالت تضم إحدى صالات السينما, رغم كونها هي الأخرى تشهد إعدامات متتالية لقاعاتها وذاكرتها السينمائية الرمزية. تامهرجان السينما والنقذب أصبحت له في ظرف ثلاث سنوات قاعدة جماهيرية واسعة وبات ضيوفه يتوافدون من داخل المدينة وخارجها إلى حد جعل القاعة المخصصة لعرض الأفلام وباقي الأنشطة غير قادرة على استقبال كل الوافدين عليها, وهو الأمر الذي دفع الجهة المنظمة إلى المناداة بإنشاء قاعات سينمائية تتسع للكل وتستطيع أن تلبي حاجيات السكان المتعطشين إلى الفن السابع وتشجعهم على القدوم والمشاهدة. تلكن ما زاد في إرباك حسابات المنظمين خلال الدورة الأخيرة، تفاجئهم بعطل في المسلاط المخصص لدار الثقافة قبل يومين من العرض، ما اضطرهم لكراء الشاشة وباقي المعدات السينمائية وأثقل ميزانية الجمعية، بعدما نبهت في غير ما مرة على أن هذه التظاهرة هي ملك لجميع المسؤولين والمشرفين على الشأن الثقافي بالمدينة.تت آخر قاعة... افتتح المرحوم محمد بن عبد الله العلمي، أول قاعة سينمائية بمدينة بني ملال سنة 1951، في الطريق المؤدية إلى مدينة مراكش آنذاك (طريق باطا حاليا) وتولى إدارتها رفقة صديقه مولاي عمر القادري أحد رجالات المقاومة ضد الاستعمار بعدما اقتنيا معداتها من الفرنسين ابيريشوب وببوكاياب صاحبي سينما ااتوالب أو االنجمةب والتي أنشأت في عهد الاستعمار. عشق محمد العلمي للسينما وللنضال دفعه لإطلاقت اسم افوكسب على قاعته السينمائية والتي تعني اصوت الشعبب، كما كان يذيع اسطوانات لاغاني ام كلثوم وعبد الوهاب المتغناة بالحرية والاستقلال من خلال تثبيت أحد الأبواق في باب قاعته السينمائية آنذاك، لكن أنشطة السينما توقفت بعدما جرى اعتقال محمد العلمي سنة 1953 من طرف قوات الاحتلال. بعد مرور سنة على الحصول على الاستقلال، التقى محمد العلمي بالمهندس الفرنسي امرسيل روسوب وعرض عليه أن يقوم بإنشاء تصميم لسينما فوكس في مكانها الحالي بوسط المدينة حيث استمرت عملية البناء زهاء سنتين لكنها توقفت سنة 1959ت لوفاة محمد العلمي، ثم استأنفت من جديد بعدما ساعد التهامي عمار وزير الفلاحة في عهد حكومة عبد الله إبراهيم، وصهر الهالك الورثة في استكمال عملية البناء ليتم الافتتاح الرسمي سنة 1964. تضمت سينما فوكس ألف مقعد واحتوت على طابقين، وكانت تتحف مرتاديها من خلال عرض أفلام عالمية غربية وعربية إلى درجة حققت فيها السبق في عرض بعضها قبل أن تعرضها قاعات سينمائية أخرى بمدن الدارالبيضاءوالرباطومراكش... كما استقبلت عروضا مسرحية لكبار الممثلين والفرق كفرقة البدوي ومسرح الصديقي.توأحيت سهرات فنية بمشاركة سميرة بن سعيد وعبد الهادي بالخياط وغيرهم من الفنانين المغاربة المرموقين. وكشف عبد الله العلمي، ابن صاحب سينما فوكس واحد الورثة الآن، أن غياب المدخول وتدهور أخلاق بعض المرتادين الذين يقومون بإلحاق خسائر فادحة بتجهيزات المؤسسة إلى جانب ارتفاع الضرائب المفروضة علينا من الدولة جعلنا نفكر بإغلاقها، وهو ما حدث فعلا سنة 2001. وقال الكي تشجع الدولة الاستثمار في هذا الجانب الثقافي المهم، يجب أن تعمل على خفض الضرائب بخصوص استيراد الآلات والمعدات السينمائية وتقوم بتشجيع القروض بفائدة أقل وتعتني بتدريس أبجديات الفن الراقي للأجيال الناشئة. *صحفية متدربة