طلع علينا المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة السيد ستيفان دو جاريك بتصريح غريب وعجيب في شأن ما سبق لبان كي مون أن اقترفه من خروقات فظيعة أثناء زيارته لمنطقة شمال إفريقيا قبل أسابيع خلت. فالرجل ينقل لنا أسف الأمين العام للأمم المتحدة لما سماه (تداعيات سوء الفهم) المترتب عن استعمال كلمة احتلال (للتعبير عن مشاعره الشخصية إزاء محنة اللاجئين الصحراويين في الجزائر) مضيفا أنها (جاءت عفوية ولم تكن متعمدة بالمرة). تصريح غير مقنع، بل إنه تصريح يؤشر على ضعف شخصية الأمين العام. فالقول بعفوية النطق بكلمة (الاحتلال) لا تستقيم مع ما كان يقصده بان كي مون، فأولا الكلمة لم تكن الوحيدة في الخروقات التي اقترفها المسؤول الأممي، بل إنها كانت مصحوبة بتصرفات أخرى من قبيل التلويح بإشارة النصر والإنحناء أمام علم غير معترف به من طرف الأممالمتحدة وزيارة منطقة عازلة برفقة أشخاص عسكريين وإحجامه عن الحديث في أوضاع حقوق الإنسان في المخيمات وتغاضيه عن التطرق إلى مسألة إحصاء سكان المخيمات. لذلك حينما يعبر عن أسفه لكلمة قال إنها خرجت من دواخله بصفة عفوية فإنه ينافق نفسه قبل أن ينافق الرأي العام. ثم إن بان كي مون زار المنطقة بصفته أمينا عاما للأمم المتحدة وليس بصفته الشخصية، لذلك لم يكن مقبولا من شخص في حجم الأمين العام للأمم المتحدة أن يضعف إلى هذه الدرجة ويسمح لانفعالاته الشخصية بالسيطرة عليه ويطلق العنان لتصرفات طائشة أساءت للمنتظم الأممي الذي يقوده. وإذا كان الحال كذلك لماذا لم يقم بان كي مون بردود فعل شخصية إزاء ما يقترفه الاحتلال الصهيوني الحقيقي ضد شعب فلسطين البطل؟ أم أن مشاعر بان كي مون جامدة إزاء هذه القضية؟ نعم، يمكن القبول باعتذار من طرف بان كي مون، ولكن يجب أن يمتلك الرجل شجاعة كاملة في هذا الصدد ويعلن اعتذاره صراحة للشعب المغربي لما اقترفه في حقه من تجاوزات خطيرة. أما أن يعبر عن أسفه لعدم قدرته عن ضبط مشاعره الشخصية، فهذا كلام لا يمكن أن يرضي شعبا مس في سيادته وفي حقوقه لدواعي غامضة قد يكون الزمن كفيلا بالكشف عنها.