تحوّل البصل بين عشية وضحاها إلى "بطل قومي"، يشغل الناس ويشوي جيوب أرباب الأسر، فليس أقل من أن يصل ثمنه إلى 13 و15 درهما للكيلوغرام الواحد، متجاوزا بذلك سعر جميع أقرانه من الخضر، بل حتى بعض الفواكه كالتفاح والموز. ومن باب الدعابة أن بعض المغاربة من ذوي الروح المرحة، يدعون في أحاديثهم إلى إلغاء المثل الشعبي القائل "ما يسوى حتى بصلة"، دلالة على موجة الغلاء الفاحش الذي تشهده أسعارها في السوق المحلية، والتي بوأت البصل مكانة عَليّة. جمعيات حماية المستهلك بدورها، انضمت للمواطنين في التنديد بالارتفاع الصاروخي لأسعار الخضرة "المسيلة للدموع". حيث يرى عبد القادر طرفاي، رئيس جمعية الفتح لحماية المستهلك، أن تحرير أسعار الخضر والفواكه في السوق المغربية، لا يعني بحال فتح الباب على مصراعيه أمام المضاربين والمحتكرين، لإيصال أسعار المواد الأساسية إلى مستويات ترهق المواطن بشكل غير مبرر. ويحمل طرفاي، الحكومة مسؤولية وضعية الغلاء الحالية، ويضيف أن عليها أن تعرف أن تحرير الأسعار لا يعني الفوضى، معتبراً في تصريح ل"العلم"، أن الجهات الحكومية الوصية، فشلت في ضبط الأمور والقطع مع أشكال المضاربة، التي يدفع المواطن البسيط ثمنها. متسائلا عن الأسباب الحقيقية التي تجعل المسؤولين يغضون الطرف عن وصول سعر خضرة كالبصل لهذا المستوى دون أن يحركوا ساكنا. موجة الجفاف، ونزول الثلوج بعدها، لا علاقة له بارتفاع أسعار البصل، هذا ما يؤكده العارفون، سيما وأن طرق تحفيظ هذه الخضرة في بلادنا، تقتضي أن المستهلك لا يصله إلا البصل المدخر منذ السنة الفارطة، وغلة هذه السنة تستهلك في التي بعدها وهكذا. بيد أن لمنتجي الخضر والفواكه رأي آخر، فهؤلاء يعتبرون أن المستهلك وعموم المواطنين، لا يعرفون شيئا عن الإكراهات الجسيمة التي يجابهها الفلاح في صمت، والتي تساهم الجهات الوصية على القطاع والإعلام في تكريسها، كما يقول عمر منير، الناطق الرسمي باسم فيدرالية المنتجين المصدرين للخضر والفواكه، مضيفا أن هناك ثلاث نقط رئيسة لا يعرفها المغاربة، تتعلق بارتفاع أسعار البصل في السوق المحلية، هي قلة التساقطات، والبرودة، وارتفاع التصدير. وشدد منير، على أن المناطق الرئيسية لزراعة البصل في بلادنا، في كل من مكناس وبني ملال، إلى جانب مناطق أخرى أقل إنتاجية، يعاني فيها الفلاحون من قلة التساقطات التي يستفيد منها بصل "الحريف" ما جعله قيلا هذه السنة، إلى جانب والسطاء، الذين اتهم المتحدث الحكومة بعدم العمل على استئصال شأفتهم، لأنهم يسرقون عرق الفلاح ويتسببون في إرهاق المستهلك بارتفاع الأسعار. ولم يخف نفس المصدر، في تصريح ل"العلم"، مساهمةَ تصدير البصل المغربي إلى أفريقيا جنوب الصحراء عبر موريتانيا، وارتفاع إقبال عدد من هذه الدول عليه، في ارتفاع سعره الذي يقلق المواطنين.