“الخضرة كلها غالية هاذ العام!!”. بحزم قالها تاجر الخضر الداودي لإحدى زبوناته صباح أمس الأحد، قبل أن ترد عليه هذه الأخيرة بنبرة صوت مستاءة: وعلاش؟. هذه السيدة الخمسينية التي بدت من خلال استفسارها عن مسببات هذا الغلاء، غير واعية بالإكراهات المناخية التي كانت وراء ارتفاع الأسعار، أجابها الداودي هادئا هذه المرة وهو منشغل بترتيب أصناف منتوجات الخضر المعروضة بمحله التجاري المتواجد بإحدى أسواق منطقة درب السلطان: “كتشوفي الكز والشتا ماصاباش هاذ العام وكتسولي مال الخضرة غالية؟ فيناهيا لقيناها! راها قليلة فالسوق والفلاحة مساكن مضرورين وكيبكيو!” فالغلاء الذي استشعرته هذه السيدة ومعها مواطنون كثر هذه الأيام، عكسته بالملموس أثمنة تسويق الخضر المعلن عنها نهاية الأسبوع بهذا السوق الشعبي، حيث ارتفعت أسعار الكيلو الواحد من منتوجات البطاطس والبصل إلى 6 دراهم، مقابل 7 دراهم للطماطم والجزز، وعشرة دراهم للجلبانة والفول، في الوقت الذي حلق فيه سعر تسويق اللوبيا إلى 20 درهما للكيلو، نظير أثمنة تقل ببضعة دراهم بالنسبة لمنتوجات الفلفلة والخيار والدنجال وغيرها. أسعار تبدو مرتفعة من دون شك، إلا أن الإكتواء بلهيب غلائها سيستشعره بصورة أكبر ذووا الدخل المحدود، فمحمد سبكي مدير سوق الجملة للخضر والفواكه بمدينة الدارالبيضاء الذي أقر بوجود ارتفاع نسبي في أثمنة تسويق بعض منتوجات الخضر هذه الأيام، ربط أسباب ذلك بوجود نقص كبير في معروض أصناف الخضر البورية من قبيل البصل والفول والجلبانة والفلفلة والكرعة وغيرها من المنتوجات التي تحضي بإقبال الأسر خلال هذه الفترة السنوية، وهو الواقع الذي نتج أساسا عن تأخر التساقطات المطرية وهبوب موجة البرد والصقيع التي ضربت حقول الإنتاج، وخاصة بالأراضي الفلاحية التي وصفها محمد سبكي ب “العريانة”، أي غير المحمية ضد مخاطر وأضرار هذا الصقيع الذي اجتاح ربوع المملكة خلال الأسابيع الماضية. ومع ذلك، فإن مدير سوق الجملة، اعتبر بأن الوضعية التموينية لهذا الأخير تبقى جد عادية، فباستثناء الخضر البورية التي أشار إلى أنها “ما كايناش وقليلة فالسوق” بسبب قلة الأمطار، إلى جانب مادة الطماطم التي قال بأن نقص عرضها بالسوق ناجم بالأساس عن عمليات تصديرها إلى السوق الخارجي فإن السوق يتوصل يوميا بإمدادات تكفي في نظره لتلبية الطلب على استهلاكها. استدل سبكي بالأرقام ليؤكد على أن عدد الشاحنات المحملة بمنتوجات الخضر والفواكه التي تلج سوق الجملة من يوم الإثنين إلى يوم الجمعة يتراوح بين 400 إلى 500 شاحنة، فيما يرتفع إلى أزيد من 800 شاحنة نهاية الأسبوع، وهي الأرقام التي استند إليها للتأكيد على أن الإرتفاع النسبي الملحوظ في أسعار بعض منتوجات الخضر بسوق الجملة، لا يبرر الزيادة الكبيرة المطبقة في أثمنة تسويقها للمستهلك، فالرجل لفت الإنتباه إلى أن السعر المتداول في بيع منتوج الطماطم بالجملة يتأرجح بين درهم ونصف و ثلاثة دراهم للكيلو، أي 80 درهما للصندوق الواحد كسعر أقصى، مقابل درهمين للبطاطس و 1,6 درهم للجزر، يقول مدير سوق الجملة الذي لم يجد سوى دعوة “الله يرحمنا بالشتا” طلبا لانفراج أزمة الغلاء المستشري حاليا في أثمنة الخضر في أقرب الآجال.