تشهد قيادة جبهة الانفصاليين بالرابوني حالة من الغليان الداخلي المنذرة بانشقاقات جديدة بعد قيام زعيم الجبهة الخالد في منصبه بتسمية أعضاء ما يسمى بحكومة جمهورية الوهم ،إضافة إلى تعيينات في مهام دبلوماسية وإدارية وسياسية شكلت مناسبة ليصفي عبد العزيز من خلالها حساباته المصلحية الذاتية مع مجموعة من صقور القيادة الانفصالية الذين فشلوا في إسقاط الزعيم من مقعد الرئاسة الذي قضى فيه أزيد من أربعة عقود في أعقاب تورطه منتصف السبعينيات من القرن الماضي في مؤامرة التصفية الجسدية لمؤسس الجبهة بنواكشوط بإيعاز و تخطيط من الجزائر . ويشكل وزير دفاع جبهة الانفصاليين محمد لامين البوهالي الذي ظل لسنوات يمني النفس بمركز القيادة أو على الأقل منصب نائب زعيم الجبهة أبرز المكردعين من قائمة التعيينات الجديدة بمراكز المسؤولية الوازنة داخل دواليب الجبهة , حيث أقيل من منصب وزير الدفاع الذي ظل يشغله طيلة السنوات ال15 الأخيرة و ألحق بوزارة مدنية صورية (الاعمار والبناء) وهو ما يمثل في نظر المتتبعين صفعة مدوية للقائد العسكري الانفصالي المدلل والمقرب جدا من الجزائر باعتباره تدرج بالجيش الجزائري قبل أن يتم إلحاقه بصفوف الجبهة الانفصالية بمجرد تأسيسها ليكون عين ضباط المخابرات العسكرية الجزائرية و أداتها داخل التنظيم العسكري الانفصالي. ويجهل المتتبعون كيف سمحت الجزائر الوصية الفعلية على قيادة الانفصاليين بالتضحية برجالاتها الأوفياء بالجبهة وهم وزير الدفاع البوهالي و ابراهيم غالي ممثل الانفصاليين بالعاصمة الجزائرية ،فيما حافظت حرم المراكشي الجزائرية خديجة حمدي على منصبها كوزيرة للثقافة، وتم تعيين ممثل الجبهة بمدريد بشرايا حمودي بيون المحسوب على الصف الثاني من قيادة الجبهة، كخلف لغالي بالجزائر بعد أن زكمت فضائحه المالية و الأخلاقية أجواء العاصمة الاسبانية و تحولت الى موضوع تقارير منابر اسبانية و جمعيات مدنية مختلفة . وسارع وزير الدفاع المقال إلى إعلان رفضه للتعيين الجديد فيما تحدثت المصادر عن دخول كل من البوهالي و غالي في نقاش حاد مع المراكشي للتعبير عن سخطهم على قائمة المناصب الجديدة المسندة ،والتي تعكس حرص الزعيم الخالد على إبعاد جميع مسؤولي الجبهة المعارضين لتوجهاته و قراراته حتى و لو كانوا يحظون بحماية خاصة من طرف حكام الجزائر و تدرجه في تهميش القيادات المؤسسة للمشروع الانفصالي التي تزاحمه في أحلام السيطرة على دواليبه . وكان لامين البوهالي الذي يعتبر من صقور الجبهة و أحد أهم الواضعين لسياساتها و الداعين داخلها الى التصعيد مع المغرب و المهددين في أكثر من مناسبة بحمل السلاح ضده قد اشتكى قبل أشهر لجزائر من قيام زعيم الجبهة المراكشي بالتقليص من صلاحياته العسكرية التي كان يوفرها له منصبه كوزير للدفاع بجبهة البوليساريو، منذ إبرام اتفاقية وقف إطلاق النار مع الرباط بداية التسعينيات و هو ما يعني أن الجزائر بدأت فعليا في فقدان بعض خيوط التحكم في قرارات الجبهة خاصة في ظل التهميش الذي طال أبرز رجالاتها و أتباعها داخل قيادة الرابوني .