الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تقرر التصعيد ردا على تنكر الحكومة ل"التزامات الحوار الاجتماعي"    الجزائر.. محامي صنصال يعلن مثوله أمام وكيل الجمهورية اليوم الإثنين    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر        العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    جماعة أكادير تكرم موظفيها المحالين على التقاعد    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء        لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية    الأمن الإقليمي بسلا… توقيف شخصين للاشتباه في تورطهما في حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    تيزنيت: شبان يتحدون قساوة الطبيعة وسط جبال « تالوست» و الطريق غير المعبدة تخلق المعاناة للمشروع ( فيديو )    ياسمين بيضي.. باحثة مغربية على طريق التميز في العلوم الطبية الحيوية    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    نقابة: مشروع قانون الإضراب تضييق خطير على الحريات وتقييد للحقوق النقابية    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي    تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام        توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    المحكمة تقرر تأخير محاكمة حامي الدين في قضية آيت الجيد وتأمر باستدعاء الشاهد خمار الحديوي (صور)    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون        الاشتراكي الموحد يرحب بقرار اعتقال نتنياهو ويصفه ب"المنصف لدماء الشهداء"    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..    مخاض ‬في ‬قطاع ‬الصحة..‬    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش        الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث الجمعة: سياسة المحاور والاستقطاب تهدد الأمة الإسلامية تجاه التحديات الراهنة...؟ بقلم // ذ. محمد السوسي
نشر في العلم يوم 08 - 01 - 2016

تتطور الأحداث في العالم الإسلامي بما فيه البلاد العربية كل يوم تطورا خطيرا إذا استمر على نفس الوثيرة ونفس النهج ستكون له عواقب وخيمة على مستقبل ومصير الأرض والشعوب في هذه المنطقة الجغرافية الممتدة من طنجة إلى جاكارطا حسب تعبير مالك بن نبي أو من أقصى الغرب الإسلامي إلى أقصى الشرق، وذلك لأن القادة والمسؤولين الرسميين والشعبيين في هذه البلاد الإسلامية لم يتعظوا ولم يستوعبوا الأحداث التي مرت بهذه البلدان في مختلف مراحل وجودها وانتمائها إلى الإسلام والحضارة الإسلامية، لقد كانت الفرقة والتكالب على السلطة والتحكم في رقاب الناس على رأس ما أدى إلى تلك المحن والأهوال التي عرفتها الشعوب الإسلامية والعربية وعرفها معهم من تضمهم معهم هذه الأرض من مواطنين غير مسلمين فالعبرة في الحديث عن هذا الموضوع هو من كان بيدهم الأمر ومن كان يؤول إليهم الحكم وتصريف شؤون الناس.
والعودة إلى الاقتتال بين الأسر والطوائف أو الأحزاب يعيدنا إلى الفتنة أو ما عرف في تاريخ الدولة الإسلامية بالدول المستقلة عن الخلافة، وما عرفته من أحداث والاستعانة بالأجنبي وبالأعداء على الخصوص فإن صيرورة الأمور في القرنين الأخيرين كفيلة بتنبيه الغافل، وإيقاظ النائم، ويمكن إيجاز أصل البلاء فيما أصاب الناس من ويلات الاستعمار، وفقدان الحرية والكرامة إلى عاملين اثنين عامل الاستبداد، وعامل التفرقة والانقسام والصراع سواء كان مذهبيا أو عرقيا وهو دائما وابدا المآل فيه إلى السلطة وامتلاك الرقاب أي الاستبداد، وهذا ما جعل الرواد في التاريخ الإسلامي يركزون على محاربة هذين الأمرين، وذلك لأن القرآن منذ البداية أرشد الأمة وأمرها بالشورى والتداول في الأمر بين الناس ونفذ الرسول ذلك بطريقة واضحة والممكنة في تلك المرحلة، ونهى القرآن عن التفرق والشقاق، فقال ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم».
ونحن اليوم وبعد عقود من التحرر من الحكم الأجنبي عدنا إلى ممارسة الاستبداد والطغيان فيما بيننا وإزهاق الأرواح بغير حق والى النزاع والفرقة والصراع، والأشد خطرا أن من يسعى لإصلاح ذات البين فيما بين المسلمين عدوهم المتربص أو المفترض على الأقل أن يكون كذلك.
وعلى أي حال فإن النزاع يتطور بشكل مخيف بين المسلمين وعملية الاستقطاب والمحاور بين الدول الإسلامية تنذر بالاسوء، والأمر يوجب أن يتحرك العقلاء من المسؤولين وقادة الرأي في الأمة للعمل على درء الخطر المحدق والقادم، لا قدر الله ولاشك أن الكل يدرك دقة المرحلة وصعوبتها، وفي سياق ما تعودنا عليه في هذه الأحاديث من التزام مسلك ما بال أقوام فإننا لن ندخل في متاهات التفاصيل وإصدار الأحكام، ولكننا نذكر بمسار صراع الأمة الدائم مع خصومها مؤكدين على أن الإسلام حق وملك للجميع وقد كان موضوع من يتحدث باسم الإسلام- مجال استفتاء شمل أزيد من مليار مسلم وضمن صاحبه نتائجه في كتاب سبق لنا الحديث حوله ولكن لضرورة طرح السؤال من جديد عدنا إليه مرة أخرى.
************
قوة الغد
في عام 1939 ألف كاتب ألماني كتابا بعنوان: (الإسلام قوة الغد العالمية) والمؤلف هو (باول شميتز) وترجم الكتاب إلى العربية الدكتور (محمد شامة) وقدمه إلى قراء العربية الدكتور (محمد البهي) رحمه الله.
ولسنا اليوم بصدد الحديث عن الكتاب ولكن أريد فقط أن أنقل في مفتتح (حديث اليوم ما جاء في الفقرة الأخيرة من الكتاب: «يبدو أن ما أشار إليه (hilaire) يشير إلى احد الكتاب المهتمين بالشأن الإسلامي من أن الإسلام سوف يعوض ما فاته في مجال العلوم الهندسية وشيك الوقوع فقد استقلت دول في العالم الإسلامي واعتمدت على نفسها في بناء هيكلها السياسي وتأسيس نهضتها العلمية، وهكذا أصبح تكوين الدول في منطقة وحدة مصير العالم الإسلامي ذا أهمية مضاعفة إذا انضمت هذه الدول التي قامت في الشرق على أسس قومية –إلى جبهة القوى التي تثور على الرجل الأبيض، وتكافح ضده في أجزاء الأرض الثلاثة. وصارت هذه القوة ومركزها الاستراتيجي من الأمور المسلم بها –والمعترف- بها في هذه الجبهة على الرغم من أن الأساطيل القوية والأعداد الهائلة من القنابل والأسلحة الفتاكة لا زالت تضمن للغرب تفوقه الاستراتيجي.
إن انتفاضة العالم الإسلامي صوت نذير لأوروبا وهتاف يجوب آفاقها يدعو إلى التجمع والتساند الأوروبي لمواجهة هذا العملاق الذي بدأ يصحو وينفض النوم عن عينيه.(ا.ه)
نداء
إن هذا النداء الذي وجهه هذا الكاتب لأوروبا لتتحد في مواجهة صحوة العالم الإسلامي، والعالم مقبل على حرب عالمية مدمرة، ليس مجرد خاطر خطر في لحظة من لحظات لباحث صرف همه في كتابة كتاب قام فيه باستقصاء أحوال وواقع العالم الإسلامي الذي كانت أغلب أجزائه حتى تلك اللحظة مستعمرات تحت النفوذ الأوروبي ولكنه نداء من باحث يستقرئ التاريخ ويؤمن بصيرورته، ويؤمن كغيره من أبناء الثقافة الغربية أن الخطر على الاستغلال والاستعمار واحتقار الشعوب غير الأوروبية لا يمكنه أن يصمد أمام يقظة الضمير المسلم المشبع حقيقة بروح إنسانية عالية، وبثقافة التسامح غير المصطنعة ولكنها مبنية على قاعدة من الإيمان الراسخ بأن الأخوة الإنسانية أمر لا يمكن تجاوزه.
تحجيم..؟
ولا نستغرب إذن عندما نجد الغرب اليوم يواصل مسيرته في تحجيم دور العالم الإسلامي ومكانة الحضارة الإسلامية في العالم فيقرر تدمير ما تمكن المسلمون من بنائه خلال العقود الأخيرة رغم الاستبداد ورغم فساد النخبة المتحكمة، ورغم خيانة البعض هنا أو هناك ولكن كل ذلك لم يمنع من وجود بنية تحتية صالحة للنهضة المنشودة فكان من الضروري بالعودة بالأمة إلى نقطة الصفر من فعل ما يجب فعله وأول ما يجب في هذا السياق وهو شيء تقرر منذ القديم وهو منع ذوي التوجه الإسلامي من الوصول إلى الحكم وهذا شيء يراه الناس ولكن لا يعونه حق وعيه ويكفي إلقاء نظرة على من تولى المسؤولية بعد تحرير البلدان الإسلامية من الاستعمار لقد تم إبعاد مؤسسي الحركة ودعاة الاستقلال المتشبعين بالروح الإسلامية التحررية وإحلال محلهم من يقبل أنصاف الحلول.
الخوف
واليوم وقد وضعت الشعوب الإسلامية في بعض الأقطار الإسلامية التي جرت فيها انتخابات حرة ونزيهة أو قريبة من الحرية والنزاهة وثقتها في تيارات إسلامية وصفت بأنها معتدلة ولكن هذا الاعتدال لم يشفع لها في التصدي لها ووضع كل العراقيل في طريقها لإفشالها في خطة مدروسة ومضبوطة عن علم منفذها أو عن جهلهم، وفصول هذه الخطة تتوالى عنها الانقلاب على الشرعية كما في مصر عن طريق الجيش وبتغطية من عناصر لم تتورع في التصريح بعلاقتها المشبوهة في تسويق المؤامرة والإقناع بها. ومنها ما يجري في ليبيا والعراق ولم يكن ما يحدث في تونس بعيدا عن ذلك كما يصرح الفاعلون السياسيون هناك وان كانوا من عناصر غير محسوبة على التوجهات الإسلامية.
الدس متواصل
واليوم تتوالى الفصول المؤامرة فاليمن دمرت أو كادت والطبول تضرب للإيقاع بين إيران ودول الخليج وغيرهما وهكذا يستمر المخطط ولا يدري أحد أين سيقف إلا الله ومهما يكن فهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
فكانت ثورة مضادة بكل المقاييس لإظهار فشل "الإسلام السياسي" كما قال أحد الرؤساء الذي قُتِل من شعبه لحد الآن مآت الألوف والذي يتعرض بدوره لنفس المؤامرة بأسلوب مختلف وطريقة مغايرة ولكنها تلتقي في العودة بالجميع إلى العصر الحجري كما قيل عند مهاجمة العراق.
سياق الصراع
ولذلك فإن الصراع مستمر وما عرفته العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين ونصف العقد الثاني من تطورات متلاحقة في الصراع المحتدم والقديم بين الإسلام ممثلا في كل القوى الفاعلة في المجتمعات الإسلامية بقطع النظر عن مسافة بعدها أو اقترابها من تطبيق مقتضيات أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، ذلك أن الغرب لم يكن في أي وقت من الأوقات ينظر إلى الأمر خارج الصراع الحضاري، فهو منذ اليوم الأول يطرح المسألة في سياق الدور الذي لعبه الإسلام وحضارته خلال ألف وأربعمائة سنة أي منذ جاء الإسلام وبنى الحضارة العظيمة في التاريخ والتي كانت قواعدها وأسسها ما جاء به الإسلام من مبادئ سامية، وتعاليم إنسانية، وقيم البناء الحضاري المتكامل الذي لا يغفل جانبا من جوانب الحياة الإنسانية دون أن يوفيه حقه. فالإنسان لبدنه عليه حق ولأهله عليه حق ولمجتمعه عليه حق.
المقاصد الأساس
ولأن الأساس هو تلك المقاصد الكبرى التي حملها الإسلام إلى الناس وكانت هي المقاصد التي جاءت بها الديانات السماوية السابقة فغطى عليها ما ابتدعه الأحبار والرهبان خدمة لمصالحهم الخاصة وأطماعهم ونزواتهم.
استمرار البناء
ولم تكن هذه الحضارة الإسلامية لتغفل وتتجاهل البناء الحضاري الإنساني السابق عليها سواء تعلق الأمر بالجانب الثقافي الفكري منه أو تعلق بالجانب العمراني، فلم يثبت في التاريخ أن هذه الحضارة المبنية على التوحيد توجهت إلى المآثر العمرانية والحضارية التي تركها الأولون في ما بين النهرين أو في وادي النيل و بلاد الفرس أو الهند لتهدمها لأنها ترمز إلى أشياء منافية لما جاء به الإسلام ولكنها انتفعت بكل ما يصلح للانتفاع به وغضت الطرف عن غيره.
حضارة جامعة
ولم تكن كذلك لتتجاهل التراث الفكري والفلسفي للحضارات السابقة ولكنها انتفعت بكل ما وجدته من ذلك التراث وصار جزء من تراثها وحضارتها.
وهكذا كانت الحضارة الإسلامية حضارة إنسانية جامعة ولم تكن حضارة مبنية على الإقصاء والإبعاد، ولكنها كانت تجادل وتناقش وتغريل وتترك للناس ما ينفعهم والميزان هو (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
دور يتحدى الجحود
ولا حاجة للعودة والإشارة إلى الدور الذي لعبته هذه الحضارة في تأهيل الحضارة الحديثة عقب ما اقتبسه الغرب من الأندلس ومن المغرب ومن المشرق وبصفة خاصة عقب الحروب الصليبية، فهذا أمر معروف وكتب فيه الكثيرون ورغم كل محاولات الإنكار فقد بقي دور هذه الحضارة الإسلامية بارزا للعيان متحديا كل نكران أو جحود.
محاولة التجاوز
ولذلك فإنه من نافلة القول أن نؤكد أن الصراع هو بين هذه الحضارة العظيمة وبين الحضارة الغربية المبنية على مركزية الغرب وحضارته وأنظمته، ولم ينكر مؤرخوا الغرب وعلماء تاريخ الحضارات فيه هذا الصراع إذ كتب الكثيرون فيه. وكان أحد السباقين إلى الكتابة في موضوع صراع الحضارات المفكر الفرنسي المسلم (روجي كارودي) وهو لا يزال على ماركسيته حيث أسس مركزا في داكار عاصمة السنيغال في السبعينات من القرن الماضي وصدر عنه كتاب: (صراع الحضارات) وترجمته العربية صدرت عن دار عويدات في لبنان.
الصحوة والصراع
ولكن هذا الصراع أخذ بعدا ايديلوجيا عندما اشتد تأثير تطورات الصحوة الإسلامية في العقود الأخيرة وانهار (جدار برلين)وانهار معه ما كان يعرف (بالستار الحديدي)، والذي كان للجهاد الإسلامي في أفغانستان دور في التعجيل بهذا الانهيار، وانتقل مصدر الخطر والتهديد للاستعمار والامبريالية ولمعسكر نهب ثروات الشعوب واستعبادها إلى الإسلام والحضارة الإسلامية وصدر ما عرف بنظرية "صمويل هنتيجنون" صراع الحضارات وابرز فيه خطر الحضارة الإسلامية لأنها حضارة متميزة وذات جذور تاريخية ومواقع إستراتيجية وإمكانيات اقتصادية هائلة.
العولمة والاستغلال
وكان أمر هذه المقولة مصحوبا بنهاية التاريخ وانتصار الإمبريالية وحل محل هذه المقولة مقولة العولمة و ويلاتها الاقتصادية على الشعوب التي قضت أربعة عقود تبني مؤسسات اقتصادية وصناعية وتجارية بعرق الشعوب وإمكانياتها ليتم السطو عليها في غفلة من الشعوب في خضم الهرج والمرج بين مقولة العولمة والخوصصة.
الغبن المزدوج
وهكذا شعر العالم الإسلامي بالغبن مرتين الأولى وصف حضارته ودينه بالإرهاب والظلامية والثانية بنهب خيراته وعودة الاستعمار الاقتصادي بكل فظائعه إلى أرض الإسلام بأبشع الصور.
ولم يعدم هذا الواقع المخيف من ينبرى لتوضيح الرؤية وكشف المخبأ وراء المقولات التي تتردد، والتي تستهدف الحضارة وأصحابها، وبالأحرى أسسها العقدية الإسلام بالذات.
ضمائر حية
مما لاشك فيه أن الغرب رغم كل شيء يوجد من بين مجتمعاته أناس تأبى عليهم ضمائرهم أن يسايروا الظلم وطمس معالم الحقيقة وتجاوزها وكان من بين أبرز من تصدى لهذا الزيف وكشفه كاتب وأستاذ حاذق ومتمكن وأكثر من ذلك كان يملك الشجاعة الأدبية وأعني بذلك الدكتور (جون اسبوزيتو) مدير مركز حوار الحضارات بالولايات المتحدة الأمريكية، وله في هذا الصدد أكثر من كتاب ولعل أهمها «الخطر الإسلامي حقيقة أم خرافة» ولكننا في هذا الحديث سنعتمد على كتابه القيم أيضا والمؤلف بمشاركة: داليا مجاهد وترجمة: د. عزت شعلان والذي يحمل عنوان: «من يتحدث باسم الإسلام؟». كيف يفكر حقا مليار مسلم؟
وقدم لترجمة العربية الأستاذ: "فهمي هويدي" المفكر المصري المعروف والذي عرف بشجاعته أيضا ووقوفه في وجه المتحاملين على الصحوة الإسلامية واتهامها بالإرهاب.
عودة للمربع الأول
وسنحاول في هذا الحديث والأوضاع في العالم الإسلامي نعود إلى المربع الأول إثر الثورة المضادة التي عرفتها مصر خلال الانقلاب الأخير على الشرعية الدستورية والفوضى التي تعيشها بقية دول ما عرف بالربيع العربي هذا الربيع الذي لم اعتز به شخصيا منذ اليوم الأول لأنني كنت اعتبره الفجر الكاذب للحرية وأن فجرها الصادق لا يزال في طي الغيب ولكنه آت لا ريب فيه لأنه مرتبط بسنن الله في الكون، عندما قال في شأن المظلوم ولا نصرتك بعد حين وهو وعد للرسل حتى (إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) والكتاب هو تحليل لاستطلاع للرأي قامت به مؤسسة جالوب الأمريكية وشمل مليار وثلاثمائة مليون مسلم في مختلف القارات والدول وجاء الكتاب في خمسة فصول مع مقدمات للمترجم ولفهمي هويدي وللمؤلف وخلاصة للأسئلة وخاتمة، أما الفصول فهي:
وتمت معالجة هذه النتائج في خمسة فصول:
الفصل الأول: من هم المسلمون.
الفصل الثاني: الديمقراطية أو الثيوقراطية
الفصل الثالث: ما الذي يصنع الراديكالي؟
الفصل الرابع: ما الذي تريده النساء
الفصل الخامس: صدام أم تعايش؟
واما الخلاصة فهي جاءت كما يلي:
الاستطلاع شكل 90 % من المسلمين في العالم اي مليار وثلاثة مائة ألف من الناس.
وخلاصة الاستطلاع
من يتحدث باسم الغرب؟ لا يعتبر المسلمون حول العالم أن الغرب وحدة واحدة. وهم ينقدون البلاد أو يرفعون من قدرها بناء على سياستها، وليس بناء على ثقافتها أو ديانتها.
وظائف الأحلام: عند سؤال المسلمين أن يصفوا أحلامهم في المستقبل، فإنهم لم يصفوا الحرب في الجهاد، وإنما الحصول على وظيفة أفضل.
الرفض الراديكالي: المسلمون والأمريكيون على قدم المساواة أحرى أن يرفضوا الهجمات على المدنيين، باعتبارها غير مبررة من الناحية الأخلاقية.
المعتدلون المتدينون: إن أولئك المؤيدين للأعمال الإرهابية أقلية، وليس احتمال تدينهم أكثر من بقية السكان.
الإعجاب بالغرب: إن أشد ما يدعو إلى إعجاب المسلمين حول العالم حسب قولهم هو التكنية والديمقراطية، وهما أعلى الاستجابات لدى الأمريكيين عند تقديم السؤال نفسه إليهم.
نقد الغرب: إن أدنى ما يدعو المسلمين حول العالم إلى الإعجاب بالغرب فيما يقولون هو ما يتصورونه عن الانحلال الأخلاقي وانهيار القيم التقليدية، وهي الاستجابات نفسها التي قدمها الأمريكيون عند تقديم السؤال نفسه إليهم.
العدالة بين الجنسين: تريد النساء المسلمات مساواة في الحقوق والدين في مجتمعاتهن.
الاحترام: يقول المسلمون حول العالم إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يفعله الغرب لتحسين العلاقات مع مجتمعاتهم هو تعديل آراء الغربيين حول المسلمين، واحترام الإسلام.
رجال الدين والدساتير: يريد أغلب أولئك المشاركين في المسح إلا يكون للزعماء الدينيين دور مباشر في وضع الدستور، وهم مع ذلك يؤيدون الشريعة الدينية باعتبارها مصدر للتشريع.
ها هنا نظرة عامة على الموضوعات الرئيسة التي يتناولها هذا الكتاب.
من هم المسلمون؟
عندما تتحدث وسائل الإعلام الغربية عن الإسلام والثقافة الإسلامية فإن المناقشة تميل إلى التركيز على التطرف الديني والإرهاب العالمي، فيما عدا بضعة استثناءات. كم عدد المسلمين الذين يدعمون التطرف والإرهاب؟ ما القول في دين الإسلام والمسلمين الذي أنتج التطرف والإرهاب؟ ما الذي يمكن عمله لمقاومة واستئصال التطرف الديني والإرهاب العالمي؟ هل هناك أمل في التطور الإسلامي؟
هذه أسئلة مهمة، وسوف نجيب عنها في الصفحات التالية. ولكن من أجل تقدير النتائج المعقدة والفوراق الدقيقة المقدمة في هذا الكتاب، فمن اللازم أن نتحرك إلى ما هو أبعد من العناوين المثيرة والصور العنيفة، وهي غالبا ما تؤثر على التصورات عن الإسلام، وذلك حتى نفهم المسلمين بصورة متكاملة. ما الذي يعتقدونه؟ ما الذي تدعوهم عقيدتهم إلى فعله؟ ما هي آمالهم وأحلامهم؟
لعل من دواعي المساعدة بصفة خاصة، تقديم إجابات عن هذه الأسئلة للأمريكيين، الذين لا يجد كثيرون منهم في الوقت الراهن شيئا كثيرا يستخلصونه عن الإسلام والمجتمع الإسلامي. وفي ديسمبر من عام 2005 بين استفتاء أجراه "جالوب" للسكان الأمريكيين في منازلهم، عند سؤال الأمريكيين عن أقصى ما يعجبهم في المجتمعات الإسلامية، أن أغلب استجابة في الاستفتاء كانت: "لا شيء". وكانت أغلب استجابة تالية هي "لا أدري". ومثلت كلتا هاتين الاستجابتين أغلب المشاركين الأمريكيين في الاستفتاء. (58%).
المسلمون في العالم:
تحت هذا العنوان يتساءل الكاتبان:
هل يناسب الجميع مقاس واحد؟
بينما يتحدث الناس عادة عن الإسلام والمسلمين في تعبيرات شاملة فضفاضة، فإن هناك تفسيرات عديدة للإسلام، ومسلمين كثيرين مختلفين. ينحدر المسلمون من قوميات مختلفة، وجماعات عرقية وقبلية وثقافية، كما يتحدثون لغات عديدة، ويمارسون عادات متميزة. ويعيش أغلب المسلمين في العالم في آسيا وإفريقيا، لا في العالم العربي. وتبلغ نسبة العرب المسلمين نحو واحد من خمسة في العالم. كما توجد أغلب المجتمعات الإسلامية في أندونسيا وبنجلاديش وباكستان والهند ونيجيريا، أكثر مما توجد في العربية السعودية أو مصر أو إيران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.