الإعدام مرفوض ومنبوذ من حيث المبدإ، وأنه محل تنديد واستنكار إذا كان لأسباب سياسية وتتعلق بالرأي والتعبير، وحينما نناقش إعدام الشيخ نمر النمر السعودي الشيعي فإننا نفعل ذلك على أساس مرجعية مناهضة عقوبة الإعدام وعلى أساس أيضا معارضة ما أقدمت عليه السلطات السعودية في هذا الصدد. لكن، لماذا وحده إعدام النمر الذي خلف كل هذه ردودالفعل العنيفة خصوصا في إيران وحزب الله؟ فطهران وحسن نصر الله يعلمان جيدا أن النمر أعدم رفقة أربعة وأربعين سعوديا وشخصين أجنبيين، ولكنهما في ردود الفعل اقتصرا بالحديث عن إعدام النمر، لسبب بسيط جدا هو أن الشيخ النمر رحمه الله شيعي أما الآخرون فهم سنيون وبالتالي فإن الحظوة في ردة الفعل يجب أن تقتصر على الشيعي بالدرجة الأولى. ثم إن المصادر الوثيقة الإطلاع تفيد بأن السلطات الإيرانية تقوم سنويا بإعدام ما معدله 350 شخص وكثير منهم يعدمون لأسباب سياسية. فكيف يستقيم الأمر لجهة تندد بإعدام النمر وتقوم بردة فعل غاضبة وعنيفة تصل حد الهجوم على سفارة المملكة العربية السعودية بطهران وهي نفس الجهة التي تقترف إعدامات بالمآت سنويا؟ هذا يعني حقيقة واحدة مفادها أن سلطات طهران لم تعارض إعدام النمر من حيث المبدإ ولكنها عارضته ونددت به لأن النمر شيعيا وكان - رحمه الله - يمثل الإمتداد الشيعي الإيراني في شبه الجزيرة العربية وفي منطقة الخليج. والأكيد أن هذه القراءة تفرغ الموقف الإيراني وموقف حزب الله من إعدام الشيخ النمر من محتواهما وتجعل منهما مجرد مزايدة سياسوية عادية من ضمن المزايدات التي تكتظ بها العلاقات الإقليمية و الدولية. أما نحن فنجدد للمرة الألف مناهضتنا لإعدام 47 شخصا في السعودية تماما كما نناهض الإعدامات في إيران وفي أية منطقة في العالم.