-1- احتفلت كثير من الجمعيات والمنظمات النسائية المغربية، في العاشر من أكتوبر الجاري (2015) بالعيد الوطني للمرأة، حيث تم تكريم العديد من النساء اللواتي يظهرن واضحات في المشهد الوطني، ولكن غالبية هذه الجمعيات والمنظمات، تجاهلت عن قصد أو غير قصد ما تعانيه المرأة المغربية في عهد المغرب الراهن / عهد الألفية الثالثة من عذابات التعنيف المتعددة الأصناف والحالات. لقد ركزت خطب الاحتفال بعيد المرأة هذه السنة على مكانتها الملحوظة في المجتمع المغربي الحديث، و على ما أصبحت تحظى به في القوانين والتشريعات، نظرا للتقدم الذي سجلته في ميادين عديدة والمواقع التي أصبحت تحتلها في مجالات التعليم والإدارة والعمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولكنها تجاهلت في غالبيتها إشكالية العنف الأسري والزوجي والاجتماعي، التي تعاني منها آلاف، بل ملايين النساء في مغرب اليوم، في البيوت والمرافق العمومية وأماكن العمل، والشوارع كما في الفضاءات الزوجية. -2- تقول دراسات المجتمع المدني، والدراسات العلمية في المغرب الراهن، عن العنف الممارس ضد المرأة في مغرب الألفية الثالثة...؟ إن مراجعة سريعة لهذا الموضوع تكشف لنا عن صنفين من أصناف العنف الخطيرة والمؤسفة، التي تمارس اليوم على المرأة المغربية ضدا في مواثيق حقوق الإنسان، والمناصفة، وقيم المواطنة. 1/- عنف الأسرة : إذ أكدت دراسة سوسيولوجية للجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء (نشرت في العقد الأول من الألفية الثالثة)، أن العنف الذي يحصل داخل الأسرة، والذي تعاني منه ألاف النساء المغربيات، هو أكثر أنواع العنف اطرادا، وأن الاعتداءات على المرأة، تتدرج حدتها في المجتمع المغربي من الإهانة اللفظية إلى أقسى وأشد أنواع العنف الجسدي والجنسي 2/- العنف باسم الشرف : ويأخذ هذا الصنف من العنف مظاهر متعددة، أبرزها العنف الجسدي / العنف النفسي، وهما معا يمكن أن ينتهيا إلى القتل، وهذا الصنف من العنف، الذي تعاني منه مئات النساء، يأتي استمرارية لأصناف أخرى من العنف، أبرزها وأهمها الاغتصاب والتحرش الجنسي والسب والقذف. إن العديد من الدراسات الاجتماعية تؤكد أن العنف الاجتماعي كما العنف باسم الشرف، لهما تأثيرا سلبيا ليس فقط على العنصر النسوي في الحياة الوطنية، ولكن أيضا على التطور الاجتماعي /الاقتصادي / السياسي للمرأة والأسرة، لأجل ذلك جاءت مواثيق دولية عديدة منددة به، داعية إلى رفضه وتجريمه، كما حملت العديد من المواثيق الدولية، مسؤولية هذا العنف إلى الدولة وسلطاتها القضائية، باعتبارها مسؤولة عن حماية المرأة من الإساءة الجسدية والجنسية، كيف ما كانت درجتها، وإلا أصبحت شريكة في المسؤولية عن ما يلحق بها من عنف وتعذيب وقسوة. -3- إن للعنف ضد المرأة في المغرب وفي العديد من بلاد الدنيا جذور تتأصل في ثقافة عنصرية / متخلفة، تحرم المرأة من المساواة في الحقوق مع الرجل وتضفي الشرعية على امتلاك جسدها بالعنف، سواء من أجل التمتع الشخصي، أو من أجل الاستعباد. من أجل ذلك رفعت المنظمات النسائية، ونشطاء حقوق الإنسان والمثقفين المؤمنين بحق المرأة في المساواة والمناصفة بالمغرب خلال العقود الأخيرة، راية النضال لتحريم كل أشكال العنف ضد المرأة، / كل الانتهاكات الجسدية والنفسية التي تحط من قيمتها الإنسانية. وفي المغرب حقق هذا النضال مكتسبات عديدة وهامة، بيد أنه وعلى الرغم ما حققته المرأة من نجاحات ومكتسبات، فإنها ما زالت تتعرض بقسوة في المجتمع المغربي إلى العنف الذي ينتهك حرمات المرأة، وعلى مستوى آخر ما زالت فرص المرأة المغربية في زمن الألفية الثالثة / زمن الديمقراطية والعولمة، أقل في التعليم والعمل والرعاية الصحية، وما زال التمييز يحرمها من المساواة السياسية والاقتصادية التامة مع الرجل. السؤال الذي تطرحه هذه الإضاءة : لماذا تجاهلت العديد من الجمعيات والمنظمات النسائية، يوم العيد الوطني للمرأة، إشكالية العنف المتعدد الصفات، الذي ما زالت قائمة ضد المرأة في زمن المغرب الراهن، حيث نجد نماذج قليلة من النساء تسللت إلى المواقع القيادية بفضل نضالاتها الحادة... والمتواصلة ضدا في حالات العنف القائمة والمسكوت عنها. لماذا لم تطالب المنظمات والجمعيات النسائية المغربية في اليوم الوطني للمرأة المغربية بتكثيف النضالات الجمعوية من أجل حقوق المرأة المشروعة، ومن أجل حمايتها من العنق المتعدد الصفات الذي ما زالت تعاني منه ضدا في مشروعية القوانين ؟. ترى من يجيب عن هذا السؤال ؟