تحت شعار "مع حركة 20 فبراير من أجل المساواة بين الجنسين والقضاء على العنف ضد المرأة" تخلد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، إلى جانب القوى التقدمية والديمقراطية، اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي يصادف 25 نونبر من كل عام، الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة من 25 نونبر حتى العاشر من شهر دجنبر من كل عام (اليوم العالمي لحقوق الإنسان)، بهدف زيادة الوعي العام بعمق إشكالية العنف الممارس على النساء . يحل 25 نونبر هذه السنة في ظل التحولات التي يشهدها العالم بفعل الثورات والانتفاضات التي تشهدها المنطقة العربية والمغاربية ، للمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وقد امتدت رياحها إلى العديد من دول العالم التي هبت شعوبها للاحتجاج على السياسات الاقتصادية والاجتماعية لليبرالية المتوحشة التي أدت إلى إقصاء ملايين البشر وحرمانهم من حقوقهم الأساسية. وفي المغرب،الذي يشهد بدوره حركة احتجاجية جماهيرية ضد الاستبداد والفساد ومن أجل الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، أطلقت صيرورتها حركة 20 فبراير التي انخرطت فيها الشابات بشكل قوي منذ بدايتها بالإضافة إلى آلاف النساء من مختلف الأعمار وتعرضت العديد منهن للقمع والتنكيل سواء من طرف القوات العمومية أو من طرف البلطجية في محاولة يائسة لثنيهن عن النضال داخل الحركة. ولم تسلم بدورها الحركات الاحتجاجية التي انطلقت في العديد من المناطق للمطالبة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية وبالحق في التنمية، والتي عرفت مشاركة مكثفة للنساء من عنف الدولة، في الوقت الذي تنهج سياسة غض الطرف عن الاستغلال البشع الذي تتعرض له النساء العاملات خاصة في القطاعات الهشة كالنسيج والزراعة، في ظل الإفلات من العقاب الذي ينعم به المشغلون، في خرق سافر للمواثيق الدولية وقانون الشغل على علاته، واستمرار معاناة العاملات في البيوت في غياب الحماية القانونية لهن ومن ضمنهن عشرات الآلاف من الطفلات اللواتي يعشن في ظروف أشبه بالعبودية إذ سجلت هذه السنة تعرض العديد من الطفلات لتعذيب وحشي من طرف مشغليهن وصل حد المس بحقهن في الحياة. وفي نفس الوقت، لازال العنف الأسري وخاصة منه العنف الزوجي ضد النساء سائدا في ظل غياب قوانين تحميهن من العنف وفي ظل استمرار التهميش والأفكار النمطية المحقرة للمرأة. وفي سياق الدينامية النضالية التي يشهدها المغرب، أعلنت الدولة المغربية عن رفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة دون أن يشكل ذلك التزاما صريحا بإعمال المساواة التامة بين الجنسين في كافة المجالات. ولأن التمييز يشكل بحد ذاته عنفا ضد المرأة ومولدا لكل أشكال العنف الأخرى، فإننا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نسجل ما يلي: 1) إن ما أقدمت عليه الدولة هو رفع جزئي لبعض التحفظات، وتعويض أخرى بتصريحات أفرغت البنود المعنية من محتواها مما يجعلها عديمة الأثر على مستوى القوانين. 2) إن رفع التحفظات لا زال مطلبا ملحا، لأن التمييز القائم على النوع الذي تعاني منه النساء في جميع المجالات بدءا بالتوزيع النمطي للأدوار وتكريس النظرة الدونية في المجتمع وفي سائل الإعلام والكتب المدرسية... يجعلهن عرضة لمختلف أنواع وأشكال العنف المادي والمعنوي والجسدي، والنفسي، والجنسي، والاقتصادي، والثقافي..سواء داخل الأسرة أو خارجها في غياب إرادة سياسية حقيقية للدولة المغربية من أجل القضاء على العنف ضد النساء وتوفير الحماية اللازمة بسن قوانين زجرية في حق المعتدين والعمل على عدم إفلاتهم من العقاب، والنهوض بأوضاع النساء في جميع المجالات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وترسيخ قيم وثقافة المساواة داخل المجتمع واحترام الكرامة الإنسانية للمرأة وتمكينها من حقها في الصحة والتعليم والسكن والمساواة في أماكن العمل ،بالإضافة إلى تجريم التحرش الجنسي وتوفير الحماية للضحايا. 3) إن الطابع الشمولي للعنف ضد المرأة المرتبط عضويا بالتمييز، يقتضي من الدولة اتخاذ كافة التدابير لمواجهته بدءا بتنفيذ التزاماتها في مجال حقوق الإنسان وفي مقدمتها: - الرفع الشامل لكل التحفظات والتصريحات عن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة. - إقرار دستور ديمقراطي ينص صراحة ودون تقييد على المساواة بين الجنسين في الحقوق السياسية و المدنية والاقتصادية والاجتماعية و الثقافية، و على فصل الدين عن الدولة، و ينص على سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان دون شروط على التشريعات والقوانين المحلية. - ملاءمة كل القوانين و التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان - وضع قانون- إطار لمناهضة العنف ضد المرأة، ومقاربة النوع الاجتماعي كمرجعية عامة في وضع السياسات العمومية وتحديد الإجراءات في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والقانونية والثقافية والتربوية والإعلامية، بهدف تنسيق كافة الجهود لمكافحة شاملة ومعممة للتمييز والعنف ضد المرأة. كما ندعو كافة الإطارات الحقوقية والنسائية والديمقراطية لتكثيف الجهود والنضال المشترك من أجل الارتقاء بإعلان مناهضة العنف إلى مستوى اتفاقية. المكتب المركزي 25 نونبر 2011