عن مجلة اتحاد كتاب الانترنيت المغاربة، صدر كتابا الكترونيا جديدا للكاتب محمد أديب السلاوي بعنوان "حوارات ثقافية وسياسية" ويتضمن اثني عشرة حوارا مع جرائد ورقية مغربية ودولية، ومواقع إعلامية الكترونية مغربية / عربية / ودولية. تحدث الكاتب في هذه الحوارات عن سيرته الإعلامية ووضعيته المادية والصحية، وعن مؤسسة محمد أديب السلاوي للفكر المسرحي، كما تحدث في حوار مع منتدى الدواسرنت حول ذكرياته بالمملكة العربية السعودية وصداقاته مع شعرائها وكتابها وفنانيها. وفي حواراته مع جريدة الحدث، وجريدة الأيام، تحدث الكاتب عن مؤلفاته الاجتماعية والسياسية وانعكاساتها على مجالات القراءة. وفي حواراته مع جريدة القدس العربي، وجريدة المنعطف وجريدة الرأي (l'opinion) تحدث الكاتب بصراحته المعهودة عن الأوضاع الثقافية في المغرب الراهن، وحول وضعية الكتاب والأدباء والفنانين المتردية، كما تحدث لهذه الجرائد عن وضعية الفنون التشكيلية بالمغرب الراهن. ولجريدة المغرب التونسية، ولجريدة القدس العربي ولموقع المغاربية، تحدث الكاتب عن أوضاع المغرب العربي بعد أحداث وحوادث "الربيع العربي". في فاتحة هذا الكتاب، تحدث الأستاذ محمد أديب السلاوي بوضوحه الفكري، وشجاعته عن مفاهيم الحوار وقيمه الفكرية في الإعلام العربي الراهن، مؤكدا أننا لم نعرف في تاريخنا الإعلامي زمنا كثر فيه الحوار وطغى على كل شيء، مثل الزمن الراهن. الإعلام باتساعه وتعدديته وشموليته، أصبح يحاور الفنانين والأدباء والسياسيين والمفكرين و رجال الأعمال والذين لا هوية لهم، من أجل الوصول إلى الحقيقة...أو من أجل توضيح المواقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها، ومع ذلك يمكن التأكيد أن الزمن الراهن هو أقل العهود حيوية وإنتاجا وصدقا، حيث أصبح التساؤل يفرض نفسه وأصبح الحوار مساعدا على المعرفة وخصب النفس، كما أصبح من جهة مقابلة، مساعدا على طمس الحقيقة وإخفائها. وإعلاميا / مهنيا، يؤكد الكاتب بوضوح، أن هناك فرقا جوهريا بين الحوار المرتبط بصاحبه، الذي يعبر عن مواقفه وأفكاره وثقافته، وبين الحوار المنفصل عن الشخصية التي تقول ولا تعبر، تهدر ولا تقول. في نظر الكاتب، كان القدماء شديدي التأثر بالحوار، لأن أسئلة الحوار وأجوبته كانت عندهم هي التعبير عن الحقائق النابضة، المترعة بالحياة. كانت كلمات الحوار يسمعها القلب لا الأذن، كانت هي التعبير عن الشخصية المتعهدة بالحق والحقيقة، ومن ثمة لم يكن الحوار إلا بين القادرين عليه وعلى التزاماته. في هذا الرأي، يلتقي الأستاذ محمد أديب السلاوي مع الباحث عبد الرحمان العجمي في كتابه : "الحوار الإعلامي" الذي يرى أن مفهوم الحوار وطرق ممارسته، في إطار الاستعمال الإعلامي، ذي الوسائط الاتصالية المتنوعة، تختلف عنه في التعاطي الاجتماعي العام، لأن الأخير تقوم طبيعته على ميكانيكيات التلقائية واللاانضباط، بخلاف الحوار الإعلامي، الذي أصبح في زمن الألفية الثالثة، يتطلب تأهيلا ومهارات خاصة، حتى تتحقق أدواره المنشودة بكفاءة عالية، وهذه الأدوار يفترض أن تكون ذات قيمة فعلية، كالإثراء المعلوماتي، واستعراض المشكلات البشرية وتحليليها، وإرساء قواعدها المنهجية المحايدة، وكشف حقائق جديدة، أو تصحيح مفاهيم واعتقادات خاطئة، إلى غير ذلك من الأمور الحيوية. ولئن كان للحوار الإعلامي في الزمن الراهن، أدوار ووظائف باتت معروفة في أوساط الاختصاص، فإن العاملين في المهن الإعلامية الحوارية، في نظر الباحث / الكاتب الأستاذ السلاوي، ينبغي أن يتوصلوا إلى "غائية الحوار"، فالحوار الإعلامي لا بد أن ينشد غاية محددة، أو غايات ذات ارتباط عضوي، وإلا أصبح حواراً عشوائياً. في الإعلام المغربي اليوم، يرى الأستاذ السلاوي، أن أكثر ما نحتاجه هو اعتماد المؤسسات الإعلامية برامج حوارية مهنية متنوعة قائمة على الحرفية، لإشاعة روح ثقافة الحوار / ثقافة التسامح والتصالح، سواء كان ذلك من خلال اللقاءات، أو من خلال الوسائل الممكن أن تساعد على ذلك. وكنشاط عقلي، يكشف عن هوية المتحاورين، ويساعد على التواصل، وعلى كشف الحقيقة / تستقطب حوارات هذا الكراس الرقمي، جملة من القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية التي يركز بعضها على قضايا عامة، وبعضها الآخر على قضايا خاصة، ولكنها في مجموعها تبوح بالحقيقة التي يؤمن الكاتب / السلاوي بها أو التي عمل من أجلها منذ انخراطه في مهنة المتاعب، وفي فضاء الفكر والثقافة، وهو ما دفعه بلا شك إلى نشرها مجموعة في هذا الكراس، ذلك لان ما تتضمنه من مواقف ومعلومات وأخبار،تجعل منها "قضية" واحدة / قضية تسكن عقل وقلب ومشاعر صاحبها. ولأن القارئ المهتم بقضايا الفكر والسياسة والثقافة عامة، هو الشريك الأساسي لما تطرحه هذه الحوارات من قضايا وأفكار ومواقف، يجعل نشرها في نظر الأستاذ السلاوي ضرورة، تفرضها قيم التشارك القائم دائما وباستمرار بين الكاتب وقرائه / بين الإعلام وقرائه. في ختام هذه الفاتحة، يقول الأستاذ السلاوي : لقد أثبتت الأبحاث الإعلامية أن القارئ العادي أصبح في الزمن الراهن، لا يتأثر بالقراءات الضخمة بقدر تأثره بحديث الشخصيات في مجتمعه، أو في العالم، كما أن القارئ الإعلامي، أصبح يقترب من فهم القضايا المعقدة من خلال الحوار، أكثر من أي طريقة صحافية أخرى. في الحديث الصحافي تبرز عبقرية وفطنة، وثقافة الصحافي في الحصول على المعلومات التي يرى أنها تلبي رغبة قرائه، وتجيب عن تساؤلاتهم. السؤال الذي يطرحه الكاتب على نفسه، وعلى قراء هذه الحوارات، هل من قيم ثقافية أو إعلامية أو سياسية، تطرحها هذه الحوارات؟ وأي علاقة لها بواقع الزمن الراهن...؟. الجواب في نظره سيبقى لدى قراء هذا الكراس، وأتمنى أن يكون ايجابيا وفاعلا لإغناء النقاش حول الحوار وأهميته وقيمه، في إعلامنا المغربي الراهن. في كلمة للناشر، الأستاذ عبده حقي، بعد إصداره لثلاث كتب إلكترونية للأستاذ، قبل سنتين، يواصل الكاتب والإعلامي الكبير هذه التجربة الرقمية الرائدة في المغرب، بإصداره هذا الكتاب الذي يلملم بين دفتيه ما تفرق من حوارات مع بعض المنابر الورقية والالكترونية المغربية والعربية. ومن دون شك، يقول الناشر، أن هذا الكتاب سيسهم في إثراء وتوسيع صورة محمد أديب السلاوي في أذهاننا وانطباعاتنا ومواقفنا من تاريخ هذا الرجل المفكر والناقد والإعلامي الموسوعي، لعلنا نسمه بما يستحق من قلادة الاعتراف الرمزي والمعنوي.